ابن القاسم أيضا أنه قال: ينظر إلى قيمة مرجعها بعد أم الولد على الغرر والرجاء، فتوقف نصف القيمة من مال أم الولد حتى يعلم أيهما تموت أولا، قال ابن المواز: وهذا أبعد من الأول، وأحب إلي تعجيل نصف هذه القيمة للابن، وهو كما قال ابن المواز؛ لأن توقيف نصف القيمة على الرجاء والخوف ظلم بين للابن؛ لأن نصف الأمة يصير ملكا له بموت أم الولد ويرتفع الخوف منها، فكيف يعطي قيمتها بعد موت أم الولد على الرجاء والخوف وقد ارتفع بصحة الملك له وتيقنه؟ ولأن إيقاف نصف قيمتها يوم أعتقتها وهي لا تجب عليها إذ لا يدري لعلها ستموت قبلها فينكشف الأحق للابن فيها أو تموت أم الولد قبلها فيعلم أنها إنما وجبت له حينئذ، فكيف يأخذ قيمتها التي قومت به قبل أن يجب له، ولعلها أكثر من قيمتها يوم وجبت له، فيكون ذلك ظلما لأم الولد أو أقل من قيمتها يوم وجبت له فيكون ذلك ظلما له في إعطائه أقل من قيمتها يوم وجبت له.
فأعدل هذه الثلاثة الأقوال - ما قاله محمد بن المواز من أنه يعجل له نصف قيمتها على الرجاء والخوف.
ويتخرج في المسألة قول رابع على قياس قول ابن القاسم في رسم يوصي لمكاتبه من سماع عيسى من كتاب الخدمة فيمن أخدم نصف عبد له بينه وبين رجل رجلا سنة فأعتق شريكه في العبد نصيبه أنه لا يقوم عليه نصيب المخدم حتى يجب له بالقضاء السنة، وتوقف القيمة إلى انقضاء السنة إن خشى عليه عدم، وهو على ألا يجب في أم الولد فيها قيمة بحال؛ لأنها إن ماتت قبلها انكشف بموتها وجوب نصفها للابن ولم يصح أن يقوم عليها ذلك النصف بعد موتها على قولهم فيمن أعتق شخصا له في عبد فلم يقوم عليه حتى مات أنه لا يقوم عليه بعد الموت إلا أن يكون موتها قريبا من عتقها على اختلاف في ذلك، وهو قول مالك في رواية أشهب عنه في العتبية ورواية مطرف وابن الماجشون عنه في الواضحة، وبالله التوفيق.