معروفة قد عرف ما للصغار منه وما للكبار بتفرقته إياه وإشهاده عليه وإثابة بعضهم فيه من بعض ثم لم يحز الكبار حتى مات المتصدق أو الحبس رأيت أن يجوز ما للصغار منه، ويرد ما للكبار لأنه يحوز للصغار أبوهم ولا يحوز للكبار الذين قد بلغوا ورضي حالهم إلا أنفسهم.
قال محمد بن رشد: قوله في هذه المسألة فإن بلغوا الحلم ورضيت حالهم وتزوج النساء ودخل بهن أزواجهن ورضيت مع ذلك حالاتهن - يدل أن الغلام بعد الاحتلام محمول على السفه، فلا يخرج من ولايته حتى يثبت رشده، وهو نص رواية يحيى عن ابن القاسم في كتاب الصدقات والهبات.
قوله: وليس الاحتلام بالذي يخرجه من ولاية أبيه حتى يعرف حاله ويشهد العدول على إصلاح أمره، وهو ظاهر سائر الروايات في المدونة وغيرها، إلا ما وقع في أول كتاب النكاح من المدونة قوله فيه: إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، فإن ظاهره أنه بالاحتلام يكون محمولا على الرشد وتجوز أفعاله حتى يعلم سفهه، وهي رواية زياد عن مالك في البكر أنها تخرج من ولاية أبيها بالحيض، فكيف بالغلام؟ وقد تأول ابن أبي زيد قوله في المدونة: فله أن يذهب حيث شاء - أن معناه: بنفسه، لا بما له، فعلى هذا اتفق الروايات كلها، ولا تخرج عنها إلا رواية زياد عن مالك، وقد تأول أن قول مالك إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، معناه: إذا احتلم ورضيت حاله، بدليل قول ابن القاسم: إلا أن يخاف من ناحية سفه فله أن يمنعه، وإلى هذا ذهب ابن لبابة، فقال: هذا هو الحق، لو مات الأب وأوصى به لم يخرج من ولاية الوصي حتى يثبت رشده، فكيف بالأب؟ ومثله في المدونة، وقوله: فقد منعهم الله من أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد، فكيف بالآباء الذين هم أملك بهم من الأوصياء؟ وإنما الأوصياء بسبب الآباء، ويدل أيضا على أن البكر وإن دخل بها زوجها فهي محمولة على السفه حتى يثبت