إليهن كنت كمن أجرى لهن الغلة في الحين الذي لم يكن لهن في الدار شيء، فأحب ذلك أن تدفع الغلة في الفترة معجلة إلى من استثنى المحبس مصير الدار إليه بعد موتهن.
قلت: أرأيت إن كان إنما جعلها حبسا على الرجل بعد موت البنات أيعطي الغلة أيضا في الفترة كما أعطيها حين ابتلت له بالصدقة.
قال محمد بن رشد: لم يجب ابن القاسم من هذه المسألة في موضعين:
أحدهما: إذا تزوج البنات كلهن وقد استثنى المحبس مرجع الدار إليه بعدهن. فقال: إن الغلة تكون في تلك الفترة للمحبس إن كان حيا بما استثنى من مرجع الحبس إليه أو لورثته إن كان ميتا: بناته المتزوجات وغيرهن على سبيل الميراث، فسأله: إن لم يكن له وارث معهن غير جماعة المسلمين أيكون لهن ثلث الغلة أو لا يكون لهن منها شيء إلا أن يكون معهن وارث من الولد أو ولد الولد للمحبس، يرد ذلك عليهن؟ فلم يجب على ذلك.
والجواب عليه: أنه يكون لهن ثلثا الغلة، والثلث لجماعة المسلمين لأنهم هم الوارثون للمحبس معهن، ولا إشكال في ذلك على مذهبه.
والموضع الثاني: إذا جعل الدار بعد البنات حبسا على رجل لا صدقة مبتلة هل تكون الغلة له في تلك الفترة وهي ما دامت البنات متزوجات، والجواب في ذلك: أنها تكون له على ما وقع من رواية ابن القاسم عن مالك في رسم يوصي لمكاتبه من سماع عيسى، وقد مضى هذا الكلام هناك على معاني هذه المسألة، فلا معنى لإعادته.
ويدخل في تحبيس الرجل داره على بناته بنات بنيه الذكور حسبما مضى في رسم العشور من سماع عيسى قبل هذا، وقد مضى بيانه، وبالله التوفيق.