جميعا لم يجز، وإذا كان على غير الشرط في المسألتين جميعا جاز. وإنما افترقت المسألتان عنده لأن الأولى بشرط، والثانية بغير شرط.
والمكروه فيهما جميعا إذا كان ذلك على وجه الشرط بين؛ لأنه كأنه استأجره على أن يدفع ماله إلى غيره قراضا أو على أن يبعثه مع ولاه أو غلامه إلى من يشتري به ويبيع من إخوانه على سبيل القراض بالجزء الفاضل من الربح إن دفعه بأكثر مما أخذه، وقد يدفعه بأقل فيخسر، وبمثل الجزء فلا يربح، فذلك غرر بين وإجارة فاسدة.
فقوله في ذلك إنه مكروه تجاوز في اللفظ، فإن وقع ذلك كانت له أجرة مثله في دفعه المال إلى غيره قراضا وفي بعثه به إلى من يعمل به من إخوانه قراضا، وكان العامل فيه على الجزء الذي اشترطه من القراض.
وأما إذا قال له حين أخذه المال منه إني أدفعه إلى من يعمل فيه قراضا أو أبعثه إلى من يعمل به قراضا ولم يشترط ذلك، فذلك إذن منه له في أن يقارض به، فإن قارض فيه بأكثر من الجزء الذي اشترطه كان الفاضل لرب المال لا له.
وهو نص قول مالك في كتاب ابن المواز، بخلاف المساقاة والفرق في هذا بين القراض والمساقاة أن المساقاة يلزم بالعقد فكان له أن يأخذ الفضل، والقراض لا يلزم بالعقد فلم يكن له الفضل.
وإن قارض فيه بأقل من الجزء الذي اشترطه مثل أن يقارض رب المال على النصف فيقارض هو غيره على أن يكون له الثلث وللعامل الثلثان فرب المال أحق بالنصف ويرجع العامل الثاني على المقارض الأول بمثل سدس الربح الذي استحق صاحب المال من يده. وهذا إذا لم يعلم رب المال أن المقارض الأول قارض المقارض الثاني على أكثر مما قارضه هو عليه.
وأما إذا علم ورضي فلا يكون له إلا ما رضي به واختلف إذا علم أو حضر فسكت. فقيل: سكوته كالإذن، ولا يكون له من الربح إلا ما اشترط منه المقارض الأول على المقارض الثاني. وقيل: لا يكون كالإذن ويكون أحق بالجزء الذي قارض عليه هو