وعليه جميع ما كان فيها من وضيعة، وذلك أنه يحمل أمرهما على أنه لما اشترى السلعة فقصر ما عنده عن ثمنها وعلم أنه إن سأل الرجل أن يسلفه ما نقصه من ثمنها يأبى ذلك عليه، وإن قال له: أعطني ما نقصني من ثمنها ويكون لك نصف ربحها كان ذلك حراما لا يجوز أخذه منه باسم القراض ونيته فيه ما تقدم، فوجب ألا يجوز. ولذلك تابعه عليه سحنون فقال لا خير فيه.
ففرق مالك بين أن يعلمه بذلك أو لا يعلمه به في المدونة، وساوى بينهما ابن القاسم على ما وقع له هاهنا، وسحنون أيضا.
ولذلك قال فيما رأيت له في بعض حواشي كتب المدونة على المسألة الثانية إذا أعلمه: هذه جيدة أصح من الأولى، يريد: إذا لم يعلمه، فإذا وقع ذلك كان الحكم فيه على مذهب مالك أن يكون لرب المال أن يأخذ ماله كاملا إن بيعت السلعة بوضعية إلا أن يبين العامل أنه لم يفعل ذلك إلا على وجه الصحة لا لغلاء وقع فيه، وإن عجز عن تبيين ذلك ودعا إلى تحليف رب المال على أنه قد أعلمه كان ذلك له إن حقق عليه الدعوى باتفاق، وإن لم يحققها عليه على اختلاف، وأما إن باع العامل السلعة بربح فادعى أنه كان استغلاها ولذلك أخذ المال لينقده فيها ليرد إلى رب المال رأس ماله ويستبد هو بالربح لم يصدق في ذلك إلا أن يقيم عليه بينة.
وأما على مذهب ابن القاسم وسحنون فليس لرب المال إلا رأس ماله بيعت السلعة بربح أو وضيعة، وإن تلفت فالعامل ضامن للمال بمنزلة إذا أعلمه أنه ينقده ماله في السلعة التي اشترى لأنه إذا أخذه لينقده في ثمن السلعة التي اشترى فكأنه استسلفه منه على أن له نصف ما يربح في السلعة، فإذا لم يعلم رب المال بذلك كان هو المنفرد بالإثم دونه، ووجب عليه أن يرد إليه رأس ماله، وإذا أعلمه بذلك اشتركا في الإثم، فهذا وجه القول في هذه المسألة.
وأما إذا أتاه قبل أن يشتري فقال له إني وجدت سلعة رخيصة فادفع إلي مالا أشتريها به على سبيل القراض فذلك جائز، وقد فعله عثمان بن عفان إذا لم يسم السلعة ولا صاحبها البائع لها، فإن سمى السلعة أو الرجل لم تجز وكان العامل في ذلك أجيرا، وبالله التوفيق.