والذهب؛ لأنها تشبه العروض في أنها تحول بالنفاق والكساد والفساد فلذلك وقف فيه، إذا لم يعثر عليه حين وقع حتى جاء فيه ربح أو وضيعة. وفيها أيضا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها كالعروض في أن القراض لا يجوز بها من أجل أنها تحول إلى النفاق والكساد والفساد، وهو قول ابن القاسم في أول كتاب القراض من المدونة.
واحتج بأنها تشبه العروض ولا تشبه العين برواية عبد الرحمن عن مالك في إجازة شرائها بالدنانير والدراهم نظرة، فإن وقع القراض بها على هذا القول رد العامل فيها إلى قراض مثله، وكان رأس المال الذي يرده إذا نض المال قيمة الفلوس من الدنانير والدراهم يوم دفعها إليه.
والقول الثاني: أن القراض بها مكروه فإذا وقع مضى على شرطهما من الربح ولم يرد، وكان رأس المال الذي يرده العامل إذا نض المال مثل الفلوس الذي دفع إليه رب المال.
والقول الثالث: أن القراض بها جائز ابتداء وهو قول أشهب في ديوانه، قال: لأنها كالعين في أنه لا يجوز بيعها بالدنانير والدراهم نظرة وليس الاعتبار بالصرف في جواز القراض بها ولا منعه ببين.
إذ قد اختلف في ذلك قول مالك، وإنما العلة الصحيحة التي يجب الاعتبار بها في ذلك حوالتها إلى النفاق والكساد والفساد، فإن كان يؤمن ذلك في الغالب عليها وكان يتبايع بها في البلد لم يجز القراض بها، إنما يجوز القراض بها عند من أجازه في الشيء اليسير الذي يتبايع فيه بالفلوس كالبقول والفواكه وشبه ذلك، مع أنه رأى باجتهاده أنها لا تحول عن حالها من النفاق والكساد في أغلب الأحوال، والله أعلم.
واختلف قول مالك أيضا في جواز القراض بالحلي، فحكى ابن الجلاب عنه الروايتين في ذلك، ولم يجزه في كتاب ابن المواز ولا في سماع أشهب بعد هذا، وهو الصحيح المعروف.
قال في الموضعين: وقد سئل أيصلح أن يقارض من الذهب والفضة فيما كان مصوغا؟ ليس هكذا يقارض الناس. فقيل له: ذلك أحب إليك؟ قال: بل هو الشأن متى يأتي هذا المقارض بمثل الخلخال والسوار حتى يرد مثله.