قال محمد بن رشد: العلة في أن ذلك لا يجوز في الدين بينة، وذلك أنه أنْظَرَهُ بدينه على أن يتجر فيه ويكون له نصف الربح وذلك ربا بَيِّنٌ، فوجب أن يكون الحكم فيه ما ذكره.
قال في المدونة: إلّا أن يقبض دينه ثم يرده عليه، ويأتي على ما في كتاب الصرف من المدونة في الذي يصرف دنانير بدراهم ثم يريد أن يصرفها منه بدنانير مختلفة لعيونها؛ أن ذلك لا يجوز في المجلس ولا بعد اليوم واليومين والثلاثة حتى يبرأ من التهمة؛ لأنه لا يجوز أن يصرف إليه الدين على القراض إلّا بعد أيام حتى يَبْرأ مِنْ التهمة.
ويأتي على ما حكى ابنُ حبيب في الواضحة في القراض يضيع بعضُهُ فيعلم بذلك صاحبُهُ فيقول له: اعمل بما بقي إن ذلك يكون قراضا مؤتنفا أنه يبرأ في هذه المسألة من التهمة بإحضار الدين، وإن لم يقبضه منه، ويكون قراضا صحيحا، وقد مضى في رسم القطعان من سَماع عيسى من كتاب الكفالة والحوالة ما فيه بيان لهذه المسألة فقف على ذلك، وقد روى أشهب عنه إن نزل مضى، وهو بعيد جدا.
وأما الوديعة: فإنما كره القراض بها مخافة أن يكون قد أنفقها وصارت دَيْنا عليه؛ فإذا وقع القراض بها مضى حتى يعرف أنه حركها على قوله في هذه الرواية، خلافُ ظاهر قوله في المدونة من أن ذلك بمنزلة الدين، ولو أحضراها لَجَاز القراض بها، ولم يَرَ محمد بن المواز بذلك بأسا، وإن لم يُحضِرَاهَا، وقاله ابن حبيب في الثقة المأمون، فيتحصل في ذلك في الدين قولان؛ أحدهما: أن ذلك لا يجوز، وهو الصحيح في النظر.
والثاني: أن ذلك يكره ابتداء فإن وقع مضى وهو قول أشهب وهو بعيد إذ لم يَجْرِ في ذلك على أصل، فقال: إنه إن نقص ضمن، ولو قال إنه إن نقص لم يضمن لكان وجه قوله أنه صدّقه في إخراج المال من ذمته إلى أمَانَتِهِ؛ إذ قد أمره بذلك، وهو أصل مختلف فيه في المدونة وغيرها.
وفي الوديعة أربعة أقوال؛ أحدها: أن ذلك لا يجوز كالدين وهو ظاهر ما في