نخل له ثلاثة أوسق هل يضم جميع ذلك فيزكيه أم لا زكاة عليه إلا في الوسقين؟ قال أصبغ: وهذه أيضا كنت تستدل عليها بمسألة المساقي الذي لا تمر له سواه، تخرج مساقاتُه خمسة أوسق فإنما يصير له بعضها أن عليه أن يزكي ما صار له ولا يسقط الزكاة حين فرضت في الجميع بخمسة أوسق ووجبت كما وجبت في القراض الزكاة عليهما جميعا إذا كان عشرون فصاعدا، فهذه وتلك سواءٌ، على العامل أن يزكي ما كان له واجبا، فلما كان ذلك عليه لم يضف إلى غيره مما لم تجب وكان هذا بزكاته وسنته وهذا بسنته.
قال محمد بن رشد: أما المساقاة فلا اختلاف أحفظه في أن زكاة ثمرتها كلها حظ المساقي وحظ رب الحائط مزكاة على ملك رب الحائط لا على ملك العامل، فلا تعتبر شرائط وجوب الزكاة من الحرية والِإسلام والنصاب إلا في حق رب الحائط لا في حق العامل، فالزكاةُ واجبة في تمر الحائط المساقي إذا بلغ بِجُمْلته ما تجب فيه الزكاة أو لم يبلغ بجملته ما تجب فيه الزكاة إلا أن لرب الحائط حائطا غيره فيه من التمر ما إذا أضافه إلى تمر حائط المساقاة وجبت فيه الزكاة إذا كان حرا مسلما، وإن كان العامل في الحائط عبدا أو نصرانيا.
وإن جَذَّ المساقي من نخل له ثلاثة أوسق أو أربعة أوسق فلا تجب عليه فيها الزكاة، وإن كان قد صار له في حظه من تمر المساقاة ما إذا أضافه إليها وجبت فيها الزكاة، كان قد زكى ببلوغ تمر الحائط ما تجب فيه الزكاة أو لم يزك؛ لأنه إن كان زكى فإنما زكى على ملك رب الحائط لا على ملكه، وهذا ما لا اختلاف فيه، فكان وجه القياس أن يرد ما اختلف فيه من زكاة حظ العامل من ربح القراض إلى ما اتفق عليه من زكاة حظ العامل من تمر المساقاة ولكنهم لَمْ يَقُولُوا ذلك فانظر فيه وبالله التوفيق.