في وصيته: أنه إن هلك من مرضه ذلك أو فيما بينه وبين سنة بكذا وكذا، ثم سَلِمَ وجاز الأجل ثم هلك والوصية كما هي لم يغيرها ولم يوص بغيرها أنها جائزة ولا ينقضها توانيه ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا مثل أحد قولي مالك في رسم سلعة سماها بعد هذا.
والقول الثاني: أن الوصية لا تجوز إذا أبقاها بيده ولم يخرجها إلى غيره.
وتحصيل القول في هذه المسألة: أن الرجل لا يخلو في حين وصيته من حالين؛ أحدهما: أن يكون صحيحا دون مرض أصابه ولا سفر أراده وإنما أوصى لما جاء من التَرغِيب في استعداد الوصية.
والثاني: أن يكون أوصى في مرض أصابه أو عند سفر أَراده لغزو أو غيره.
فأما إذا أوصى في صحته دون سفر ولا مرض فَسَوَاءٌ قال فيها متى مَا مِت أو إن مت أَوْ إذا مت، وسواء أشهد على ذلك بغير كتاب أو بكتاب أقره عند نفسه أو وضعه عند غيره، ينفذ على كل حال متى ما مات إلّا أن يكون استصرف الكتاب بعد أن وضعه عند غيره فتبطل بذلك وصيته وكذلك إن أوصى في مرض أصابه أو عند سفر أراده، فقال في وصيته: متى ما مت وأما إن كان أوصى في مرض أصابه أو عند سفر أراده لغزو أو غيره فقال في وصيته إن مت ولم يزد، أو قال من مَرَضِي هذا أو سفري هذا أو قال يُخْرَجُ عني كذا وكذا ولم يذكر الموت بحال، فإن كان أشهد بذلك من غير كتاب فلا ينفذ الوصية إلّا أن يموت من ذلك المرض أو في ذلك السفر، وأما إن كان كتب بذلك كتابا وضعه عند غيره فإنها تنفذ على كل حال متى مات، وإنْ مات من غير ذلك المرض وفي غير ذلك السفر، واختلف قولُ مالك إن أقر الكتاب عنده ولم يضعه عند غيره فمرة قال: ينفذ على كل حال متى ما مات، وَمَرّة قال لا ينفذ إلا إن مات من ذلك المرض أو في ذلك السفر.
وجه القول الأول أن الوصية لما لم يكن لتنفيذها بمرض بعينه أو سفر بعينه قُرْبَةٌ في البر والأجر على غيره وكتب بذلك كتابا أقره عند نفسه بعد صحته من مرضه أو قدومه من سفره دل ذلك على أنه أراد إبقاء الوصية على حالها، ولعله لم