للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للورثة الرجوعُ على الموصى لهم بثلثي ما قبضوا، ولعل ذلك قد فات بأيديهم وهم غرماء فيخسروا.

والاختلافُ في هذه المسألة جارٍ على الاختلاف في الموصى له بالثلث يَطْرَأ على الورثة بعد اقتسامهم التركة هل يكون حكمُهُ حكمَ الغريم يطرأ على الورثة وحكم الوارث يطرأ عليهم، فعلى القول بأن حكمه حكم الغريم يطرأ على الورثة يعطي صاحبُ الثلث الثلثَ، ويوقف سائرُ المال للورثة حتى يوضع الحمل، فيكون النِّماَءُ لهم والضمانُ عليهم لا يرجعون على صاحب الثلث بشيء إن تلف المال، ولا يرجع صاحبُ الثلث عليهم بشيء إِنْ نَمَا المالُ وعلى القول بأن حُكْمَهُ حكمُ الوارث يطرأ على الورثة يوقف جميعُ المال حتى تضع الحمل، ولا يُعَجل للموصى له بالثلث كما لا يعجل للأب السدس إذا مات ابنه وله ولد وامرأته حامل، ولا لامرأته الثمنُ حتى يوضع الحمل وان كان للأب السدس وللزوجة الثمن على كل حال وضع الحمل ذكرا أو أنثى وإن فشا فإن عجل الورثة للموصى له بالثلث الثلثَ ووقفوا بقية المال فتلف قبل أن يوضع الحملُ- وجب على قياس هذا القول أن يرجع الوارث على الموصى له بثلثي الثلث الذي قبض وإن نما المال رجع الموصى له عليهم بثلث النماء ولم يكن بينهم تراجع على قياس القول القول الثاني ولو كانت الوصية إنما هي بِعَدَدٍ من دنانير أو دراهم لوجب أن يعجل بتنفيذ الوصية وتُؤخر قسمة بقية المال حتى يوضع الحمل قولا واحدا إذْ لا اختلاف في أن الوصية بالعدد كالدين في وجوب إخْرَاجِهَا من التركة قبل القسمة لقول الله عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١١] ولا في استواء الحكم فيهما إذا طرأ بعد القسمة.

وقال ابن دحون: إنما وجب تأخير إنفاذ الوصايا حتى توضع الحمل؛ لأن القسمة لا تكون إلّا مع موجود، فإذا احتيج إلى القسمة لتنفيذ الوصايا وجب أن تقسم التركة، ولا يقسم نصيب غير موجود، فلا بد من التأخير حتى يوضع الحمل، وهذا التعليل على قياس

<<  <  ج: ص:  >  >>