عيسى من كتاب المكاتب من سماعه: قال ابن القاسم: إذا كانت قامت عنده البينة، وشهد عنده قوم قبل الوصية أو بعدها أن العبد مات، والسفينة غرقت، والفرس مات، أو بلغه ذلك فطال زمانه، ويئس هذه، ثم جاء خبر ذلك من بعد موته أنه لم يذهب منه شيء، فلا يدخل فيه شيء من الوصايا وهو كمال طارئ لم يعلم به، وإن كان ذلك شيئا بلغه فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات، ولم يشهد عنده أحد بهلاكه، إلا خبر بلغه، فإن الوصايا تدخل فيه. ولم يذكر في أول المسألة إباق العبد، وإنما ذكر هلاكه. قلت: فالعبد يأبق؟ قال تدخل فيه الوصية متى ما رجع.
قال محمد بن رشد: في ظواهر ألفاظ هذه المسألة الروايات اضطراب، ولا ينبغي أن يحمل شيء منها على التعارض والاختلاف؛ لأنها ترجع كلها عند التحصيل إلى أن ما كان أصله قد علمه، فإن الوصايا تدخل فيه، وإن غاب عنه فطال زمانه وبلغه هلاكه حتى كان الغالب عليه اليأس منه، من أجل ما بقي له فيه من الرجاء، حتى إذا تحقق عنده هلاكه بالشهادة أو الاستفاضة، حتى تحقق ذلك وتيقنه، فلم يبق له فيه رجاء، فلا تدخل فيه الوصايا إن جاء بعد ذلك، وإن كانت المدة لم تطل. ولا فرق في شيء من هذا كله بين المال الغائب، والعبد الآبق، والسفينة الغائبة، وبالله التوفيق.