فيعاول بها أهل الوصايا فإن صار له أكثر من الثلاثمائة التي أوصى له بها في الأولى مبدأة كانت له، ولم يكن له الثلاثمائة؛ لأنها دنانير كلها، أيهما كان أكثر كان له، إن كان ما صار له في العول أكثر من الثلاثمائة التي أوصى له أن يبدأ بها، كان ذلك له، ولم تكن له الثلاثمائة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها، أن الموصى له بوصيتين من نوع واحد وصفة واحدة، دنانير أو دراهم أو طعام أو حيوان أو عروض، يكون له الأكثر من الوصيتين، كانتا الأولى أو الأخيرة. وإن كانت الوصيتان من نوعين أو على صفتين، كانت له جميعا. وقد روي عن ابن القاسم أن الدراهم والدنانير في هذا النوع واحد، يكون له الأكثر منهما خلاف ما ذهب إليه مطرف وابن الماجشون وروياه عن مالك، من أنه إن كانت الوصية الثانية أقل، أو كانتا سواء، كانتا له جميعا؛ لأن أمره يحمل على أنه إنما أراد بالثانية الزيادة على الأولى، وإن كانت الثانية أكثر، كانت له دون الأولى. قال ابن الماجشون: وذلك إذا كان ذلك في كتاب واحد بينهما وصايا لغيره، وأما إن كان بينهما كلام من غير الوصية، فإنه يكون له الوصيتان جميعا، وإن كانت الثانية أكثر من الأولى، بمنزلة إذا عطف الوصية الثانية على الأولى، فقال: لفلان عشرة، ولفلان ذلك بعينه، عشرون، قال: ولو قال: لفلان عشرة، لفلان عشرون بغير واو، لم يكن له إلا العشرون. وأما إن كان ذلك في كتابين، فإنما له الأكثر من الوصيتين. وقال مطرف: سمعت مالكا فرق بين أن تكون الوصيتان في كتاب واحد، أو في كتابين، وذلك عندي سواء والدينار والدرهم عند مطرف وابن الماجشون في الوصية نوع واحد، على التفصيل الذي ذكره من الفرق بين أن تكون الوصية الآخرة هي الأقل أو الأكثر وبالله التوفيق.