سبيل، ولم يوص الميت لابن السبيل بشيء، وإنما أوصى به في سبيل الله فليسوا اليوم من أهل سبيل الله، وإنما هم أبناء سبيل فلا أرى لهم فيه شيئا ولا أرى أن يعطوا منه شيئا، ولكن أرى أن يعطى من أهل المدينة من يخرج غازيا، أو يبعث به إليهم، فيعطوا في سبيل الله، فقيل له: إن منازل هؤلاء القوم هناك، وهم من أهل الغزو، إلا أنهم قد انقطع بهم ها هنا، فليس في أيديهم ما يتحملون به، فقال: لا أرى أن يعطوا منه شيئا؛ لأنهم أبناء سبيل، وليسوا بغزاة، وإنما يحتملون به إلى أهلهم، ثم إن بدا لهم غزوا، وإن شاءوا لم يغزوا فلا أرى أن يعطوا منه شيئا؛ لأنهم أبناء سبيل، وليس لابن سبيل فيه حق، وإنما أوصى به في سبيل الله، فهؤلاء أبناء سبيل، فلا أرى فيه شيئا.
محمد بن رشد: هذا كله كما قال: إن أهل المصيصة وإن كانوا من أهل الغزو، فليسوا بغزاة في رجوعهم من حجهم، فلا يصح أن يعطوا من المال الذي يوصى به في سبيل الله، وإن انقطع بهم في ذلك؛ لأنهم أبناء سبيل، ولو كان انقطع بهم في رجوعهم من غزوهم لا من حجهم، لجاز أن يعطوا منه على ما حكى ابن حبيب في الواضحة من أن من أعطي شيئا في سبيل الله، فله أن ينفق منه في غزوه في مسيره وقفله، خلاف ما في رسم الوضوء والجهاد من سماع أشهب من كتاب الجهاد، إنه لا يعطى من المال المسبل في سبيل الله لمن انقضى رباطه، وانقطع به في قفوله إلى أهله، وأجاز في هذه الرواية أن يعطى المال المجعول في سبيل الله لمن يخرج به غازيا أن يبعث به إلى من يقسمه في الثغور خير في ذلك بين الأمرين، واستحب في سماع ابن القاسم من كتاب الجهاد أن يعطى بالبلد إن وجد من يغزو منه، ولا يبعث به إلى الثغور مخافة أن يبعث به إلى هناك فيضيع، على ما قاله في رسم طلب منه. قال ابن المواز: إنما يعطيه لمن قد عزم، لا لمن