ولو صلى أربعين سنة حتى يتوب. ولم يرو عن أحد من الصحابة إنكار المسح على الخفين إلا عن ابن عباس وأبي هريرة وعائشة. فأما ابن عباس فروي عنه أنه قال:«مسح رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الخفين» ، فسل الذين يزعمون أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد مسح على الخفين أقبل المائدة أو بعد المائدة، والله ما مسح بعد المائدة، ولأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح عليهما. وإنما قال ابن عباس: إنه لم يمسح على الخفين بعد نزول المائدة؛ لأنه لم يره مسح فظن أنه لم يمسح، ومن رأى حجة على من لم ير. فقد روي «أن جرير بن عبد الله البجلي قال:" رأيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يمسح على خفيه، فقالوا: بعد نزول سورة المائدة؟ فقال: إنما أسلمت بعد نزول سورة المائدة ".» وقول ابن عباس: لأن أمسح على ظهر عير بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على الخفين، يحتمل أن يكون ذلك منه اختيارا لترك المسح في خاصته؛ لأنه من قوم اختصهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دون الناس بإسباغ الوضوء على ما روي عنه أنه قال:«ما اختصنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا بثلاث: إسباغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي حمارا على فرس» . ويكون المسح له وللناس باقيا عنده على حكمه قبل نزول المائدة، بدليل ما روي عنه أنه سئل عن المسح على الخفين، فقال: للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوم وليلة. وكذلك أبو هريرة قد روي عنه أيضا إجازة المسح. وأما عائشة فقد روي أنها سئلت عن ذلك فتوقفت وقالت: اسألوا عليا فإنه كان يسافر مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فسئل فقال:«كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرنا أن نمسح على أخفافنا» . والصحيح من مذهب مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، الذي عليه أصحابه إجازة المسح في السفر والحضر، فهو مذهبه في موطاه، وعليه مات. روي