للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المريض لما كان له التصرف في ثلث ماله من غير تحجير عليه فيه، كان له أن يشتري به من يعتق عليه، فإذا صح له العتق قبل موت المريض، وجب له الميراث، ولم يصح أن يحال بينه وبينه. هذا مذهب ابن القاسم، أن العتق يصح له عنده بنفس شرائه إياه بثلث ماله دون ترقب، وإن تلف باقي ماله قبل موته، لم ينتقض بذلك عتقه، كالرجل المريض يبتّل عتق عبده في مرضه، وله مال مأمون، فيعجل عتقه، ثم يتلف المال المأمون، إن العتق لا يرد، وكذلك في كتاب ابن المواز من اشترى ابنه في مرضه فهو حر مكانه، ويرثه إن اشتراه بثلث ماله، ويبدأ على ما سواه من عتق وغيره، وهو دليل هذه الرواية ومما في المدونة. وقال ابن القاسم في المدونة واحتج فقال: ولم ينظر فيه إلا بعد الموت ما ورث، وكذلك إن لم يحمله الثلث، فإنه يعجل منه عتق ما حمله الثلث. وأصبغ يرى أنه لا يرث بحال؛ لأنه لا يعتق إلا بعد الموت، قال ابو إسحاق التونسي: وهو القياس، غير أنه يستحسن أنه إذا خرج من الثلث، فكأنه لم يزل حرا من يوم اشتراه، ألا ترى أن المبتل في أحد القولين، إذا اغتل غلة بعد التبتيل أو النخل إذا أثمرت بعد موت الموصي إن الأصول وحدها هي التي تقوم، فإذا خرجت من الثلث اتبعتها الغلات، كأنها لم تزل من يوم بتلت ملكا لمن بتلت له، ولَلذي حملنا عليه قول ابن القاسم، من أن الذي ذهب إليه أن العتق يعجل عليه بنفس الشراء دون توقف هو الذي ينبغي أن يحمل عليه قوله، فبذلك يسلم من الاعتراض، وإن لم ينظر فيه إلا بعد الموت، على ما قاله ابن القاسم في أول رسم من سماع عيسى، فحمله الثلث ورث، كأن الغيب كشف أن العتق قد كان وجب له قبل موته، لحمل الثلث له. ولأشهب في أول رسم من سماع عيسى بعد هذا مثل قول أصبغ: إنه لا يجوز له أن يشتريه إلا بالثلث، كان ممن يحجب أو ممن لا يحجب، فإذا اشتراه بالثلث لم يصر له من الميراث قليل ولا كثير. وقد اختلف قول أشهب في ذلك، حكى عنه ابن المواز في كتابه: أن له شراءه بماله كله، إن لم يكن معه وارث يشاركه في الميراث وإن كان معه

<<  <  ج: ص:  >  >>