أحبت. قيل له: إنا نخاف أن يدخل عليها عول في ثلث ثمنها، فقال: يصير لها من ذلك ما صار، فهو لي، فبعناه إياها بمائتي دينار، وعلى هذا من الشرط، فقال: هو الآن لا يدري بكم اشتراها؟ ففيه شيء، ولكن الصواب عندي أن لو بعتموها إياه بمائتي دينار، على أن لها وصية فما صار لها منها دفعناه إليها، وهي جاريتك، فإن شئت أن تأخذه بعد أخذته، وإن شئت أن تتركه تركته فقيل له: إنه لم يوص لها بشيء، إنما أوصى أن تباع ممن أحبت، فقال: هذا الصواب عندي، فروجع في ذلك مرارا، فقال: كنت أرى هذا الصواب أن يقول: ولها وصية، فما صار لها هناك دفعناه إليها، ولا يقولون: فما صار لها دفعناه إليك، هذا الوجه والذي هو أحسن.
قال محمد بن رشد: بيع الجارية من الرجل الذي أحبت أن تباع منه على هذا الوجه الذي قاله مالك حسن. كما استحسنه، يصل المشتري به إلى ما أراده على وجه جائز، كأن حقيقة الوصية إنما هي لها، إذا القصد بها أن يصل بذلك أن يبتاعها من تحب أن تباع منه. ألا ترى أنه لو اشتراها بقيمتها ولم يعلم بالوصية لما كان له أن يرجع على الورثة، على ما قاله فوق هذا. وقد يفترق الحلال من الحرام، وإن كان المعنى المقصود إليه فيها سواء بافتراق اللفظ، إذا افترق بذلك الحكم. ألا ترى أنه لو قال الرجل للرجل الغائص في البحر: استأجرك بدينار على أن تغوص لي في هذا الموضع فتخرج هذه النحلات مملوءة مما أصبت في قعره لجاز؟ ولو قال له: غص في هذا الموضع وأخرج هذه النحلات مملوءة مما أصبت في قعره وهي لي بدينار لم يجز؛ لأن هذا بيع غرر، والأول إجارة صحيحة. والغرض فيها سواء إلا أن الأحكام في ذلك مفترقة، لمخالفة حكم البيع لحكم الإجارة. وسيأتي في رسم استأذن من سماع عيسى أنها تبدأ بثلث ثمنها على أهل الوصايا، حسبما يأتي القول عليه فيه إن شاء الله. وبه التوفيق.