أوصى له به، خير الورثة بين أن يمضوا الوصية، وبين أن يردوا العبد إذا لم يعتق.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر. وجواب ابن القاسم فيها خارج عندي عن الأصول؛ لأن الوصية لم يحملها الثلث، كأن الورثة قد استحقوا منها ما زاد على الثلث، وأب الوصي لم يهب العبد للموصي إلا على أن تتم الوصية لابنه، فكان وجه النظر فيها إن لم يحمل الثلث الوصية أن يكون بالخيار بين أن يجيزوا الوصية، وبين أن يردوا إلى أب الموصى له من قيمة عبده إذا فات بالعتق قدر ما نقص الموصى له من الوصية، كمن باع عبدا بدار، فاستحق بعض الدار، وقد فات العبد بعتق. مثال ذلك، أن يكون الموصي أوصى لرجل بدار، قيمتها مائة، فوهب أبو الموصى له للموصي عبدا قيمته مائة، شكرا على ما أوصى به لابنه، فأعتقه الموصي في صحته، ثم مات فتبلغت تركته بالدار الموصى بها مائتين، فيقال للورثة: إما أن تجيزوا له الوصية بالدار، فلا يكون عليكم في العبد شيء، وإما أن تنخلعوا من الثلث للموصى له شائعا أو في الدار، فيحصل للموصى له منها ثلثاها فيجب عليكم أن تؤدوا إلى أبي الموصى له ثلث قيمة العبد، إذ قد استحققتم من الوصية التي هي عوض العبد الذي قد فات بالعتق ثلثها، وكذلك لو كان العبد قائما بعينه، لم يعتقه الموصي على مذهب ابن القاسم، إذ لا يرجع عنده في عين العبد بمقدار ما نقص من الوصية إذا لم يجزها الورثة لضرر الشركة، وعلى مذهب أشهب، يرجع في العبد بقدر ذلك، فيكون به شريكا فيه، ولو أعتق الموصي العبد في مرضه، وقيمته الثلث فأكثر، لعتق منه ما حمل الثلث وكان باقيه رقيقا للورثة، وسقطت الوصية بالدار للموصى له بها، لكون العتق مبدأ عليها، ولزمهم غرم جميع قيمة العبد للأب إن لم يجيزوا الوصية بالدار لابنه. وقد رأيت لابن دحون، أنه سلم هذه المسألة من الاعتراض فقال في قول ابن القاسم فيها: معناه، يدفعون القيمة إلى الابن -