وأما الذي قال: إن دخلت هذه الدار فجاريتي حرة، فولدت قبل أن تدخلها، ثم دخلها ولها ولد، فإنها تعتق بولدها. كذلك قال لي مالك على الاستقلال للعتق.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال إن ما ولدت الجارية الموصى بها لرجل أو الموصى بعتقها، والموصى بالحج بثمنها بعد موت الموصى فولدها تبع لها، أن الوصية قد وجبت بموت الموصي وقد قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كل ذات رحم فولدها بمنزلتها» وأما ما ولدت الجارية المحلوف بعتقها ألا يفعل فعلا، فالقياس ألا يعتق ولدها بعتقها؛ لأنه فيها على بر، وله أن يطلق ويبيع، إلا أن قول مالك قد اختلف في ذلك، مرة كان يقول: تعتق بولدها، ومرة كان يقول: تعتق بغير ولدها، ولكن الذي ثبت عليه من ذلك واستحسن على ذكره، أن تعتق هي وولدها على ما قاله في هذه الرواية، في رسم بع ولا نقصان عليك، من سماع عيسى من كتاب العتق، وفي رسم المدبر والعتق من سماع أصبغ منه، وفي رسم باع غلاما من سماع عيسى عن ابن القاسم، وأما اليمين التي يكون فيها على حنث مثل أن يحلف بعتقها ليفعلن فعلا ولا يضرب لذلك أجلا فالقياس أن يعتق ولدها بعتقها، وهو المشهور من قول مالك. وقد روي عن مالك أن ولدها لا يدخل في اليمين، وهو قول المغيرة المخزومي. وإن ضرب ليمينه بعتقها ليفعلن فعلا أجلا فهو أخف. وفي دخول ولدها في اليمين اختلاف؛ لأن مالكا إذا رأى في أحد قوليه أن الولد يدخل في اليمين التي يكون فيها على بر، وله أن يطأ ويبيع، فأحرى أن يرى ذلك في هذه اليمين التي يمنع فيها من البيع، ويختلف في جواز الوطء له، وبالله التوفيق.