قال محمد بن رشد: قوله في الذي أوصى لنفر بوصايا مختلفة، ثم كلم في آخر فقال: هو شريك معهم بالسوية: إنه يعطى ربع كل وصية إن كانوا أربعة، أو خمسها إن كانوا خمسة، معناه: إن كانوا أربعة به، وخمسة به، وقوله عقب ذلك: ينظر إلى عدد الذين أوصى لهم، فإن كانوا ثلاثا كان رابعا أعطي ثلث ما أوصى به لكل واحد منهم، هو كلام وقع على غير تحصيل؛ لأنه إنما يعطى ثلث ما أوصى به لكل واحد منهم إذا كانوا اثنين، فكان هو ثالثهم، وقوله بعد ذلك. فإن كانوا أربعة فربع كل إنسان، معناه: أربعة له، على ما تقدم، وكذلك قوله: إن كانوا خمسة فخمس كل إنسان، معناه أيضا خمسة به على ما قال بعد ذلك: إنهم إن كانوا ثلاثة، كان رابعهم، يريد فيأخذ ربع ما بيد كل واحد منهم وإن كانوا خمسة، كان سادسهم، يريد: فيأخذ سبع ما بيد كل واحد منهم.
وقد مضى الكلام على هذه المسألة مستوفى في رسم نقدَها نقْدها فلا معنى لإعادته. والمسألة التي ذكر من كتاب العشور في رجل أوصى لرجل بمائة ولآخر بمائتين ولآخر بثلاثمائة، فكلم في آخر، فقال: له مثله. هي مسألة أخرى إذ لا شرك للذي قال فيه: له مثله في شيء من وصايا الأولين، وإنما له مثل وصية أحدهم من بقية الثلث إن كانت وصاياهم متفقة، وإن كانت مختلفة، كما ذكر، وكانوا ثلاثة، فله مثل ثلث وصية كل وأحد منهم من بقية الثلث، وإن كانوا أربعة، فله مثل ربع كل واحد منهم من بقية الثلث، وكذلك إن كانوا خمسة أو عشرة فله مثل خمس وصية كل واحد منهم أو مثل عشر وصية كل واحد منهم من بقية الثلث، وهو الذي ذكرته بيِّن في سماع أصبغ في أول رسم منه وإن لم يحمل ذلك الثلث تحاصا معهم، فيه بقدر ما أوصى به له ولهم مثال ذلك أن يكون أوصى لرجل بمائة، ولآخر بمائتين، ولآخر بثلاثمائة، وثلث ستمائة، ويقول في آخر: له مثله، فيجب له ثلث وصية كل واحد منهم، وذلك مائتان فيتحاصان معهم في الثلث وهو ستمائة، يضرب هو فيه بمائتين، والأول بمائة، والثاني بمائتين، والثالث بثلاثمائة،