لعتق فيها، وكان بمنزلة ما لو أوصى له بثلث ماله أو بجزء منه، وهذا معنى قول ابن القاسم: وهي مسألة جيدة، وقال أصبغ في مسألة الدنانير كقول سحنون سواء.
قال محمد بن رشد: قد تقدم الكلام في الرسم الذي قبل هذا، وفي رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم في الذي يوصي لعبده بثلث ماله، فلا معنى لإعادة الكلام في ذلك. وأما قول سحنون وأصبغ إذا أوصى له بدنانير مسماة، أو بدابة من دوابه هي أكثر من الثلث: إنه يعتق في ذلك، بمنزلة ما لو أوصى له بثلث ماله أو بجزء منه، فمعناه عندهما: إذا لم يجز ذلك الورثة وقطعوا له بالثلث في كل شيء، إلا أنه قال: إنما ذلك لحرمة العتق، استحسان.
والقياس أن يعطى من نفسه ثلثها، ومن كل شيء ثلثه يريد: ولا يعتق منه إلا الثلث الذي أعطى من نفسه، والأمر عندي بعكس ذلك، بل القياس إذا أعتق عليه من نفسه ثلثها، أن يعتق عليه باقية في بقية الثلث، والاستحسان إنما هو ألا يعتق عليه إلا الثلث الذي أعطى من رقبته، إنما هذا على أحد قولي مالك في أن الموصى له بشيء بعينه، وهو أكثر من الثلث، إذا لم يجز ذلك الورثة، فقطعوا له بالثلث من كل شيء، وأما قوله الآخر: إن الثلث يجعل له في الشيء الذي أوصى له به، فلا يعتق منه شيء؛ لأن ذلك يكون على هذا القول بمنزلة إذا أجازوا له الوصية، لا يعتق منه شيء، وقد حمل ابن دحون قول سحنون في هذه الرواية على ظاهره، من أنه إذا كان العبد والدنانير التي أوصى له بها، أكثر من الثلث، يعتق فيها، أجاز الورثة الوصية، أو لم يجيزوها، فقال: لما أوصى بدنانير هي أكثر من ثلثه، دل على أنه أراد الثلث وزيادة، فكأنه أوصى بثلث ماله مبهما؛ ألا ترى أن الورثة إن أبوا أن يجيزوا لزمهم إجازة الثلث؟ وهو بعيد، لا يصح بوجه؛ لأنهم إذا أجازوا لم يجب له في نفسه شيء، فلا يصح أن يعتق عليه منه شيء، وبالله التوفيق.