قال: يقضى الدين من هذه المائة التي علم، وتسقط جميع الوصايا، إلا أن يكون مدبرا، فإنه يعتق فيما علم، وفيما لم يعلم، وإنما ينظر أبدا إلى ما عليه من الدين، فإن أحاط الدين بالمال الذي علم، سقطت الوصايا، وكان المال الذي طرأ للورثة خالصا.
قلت: وكذلك لو قتل عمدا كانت ديته مثل ما طرأ، لا تدخل فيه الوصايا، قال: نعم. الدية في العمد مثل مال طرأ.
قال محمد بن رشد: لم يفرق ابن القاسم في هذه الرواية بين أن يكون المدبر في الصحة أو المرض، ومثله في رسم جاع من سماع عيسى من كتاب الديات، فظاهر ذلك أن المدبر في المرض، يدخل فيما لم يعلم به الميت من المال، وهو نص قوله في رواية عيسى عنه في المدنية خلاف قوله في المدونة: أن المدبر في الصحة هو الذي يدخل فيما لم يعلم به الميت من المال، وقوله: فإنه يعتق فيما علم، وفيما لم يعلم، يريد بعد إخراج الدين مما علم، وكذلك في رسم جاع من سماع عيسى، من كتاب الديات، فعلى ما قاله في المسألة، من أنه مات عن مائة، وعليه دين مائة، لا يعتق المدبر كله إلا في المال الطارئ، وإنما يعتق فيما علم وفيما لم يعلم، إذا بقي من المال الذي علم به بعد إخراج الدين بقية.
مثال ذلك أن يترك مدبرا قيمته ثلاثون، وسبعين دينارا، وعليه دين ثمانون دينارا، ويوصي بوصايا، ويطرأ له بعد موته عشرون دينارا، فتخرج الثمانون دينار التي عليه دينا من جملة التركة، وهي مائة، ويعتق المدبر في العشرين التي علم بها، وهي الباقية من التركة بعد الدين، وفي العشرين الطارئة، فيفضل من العشرين التي علم بها خمسة الدنانير تكون لأهل الوصايا، ويبطل مما سوى ذلك من الوصايا، وتكون الخمسة دنانير الباقية من العشرين الطارئة للورثة، ولا يكون فيها لأهل الوصايا حق، وبالله التوفيق.