للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقبل قوله، كان عليه دين أو لم يكن، إذا كان الإقرار يلحقه.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة، أن الدار التي أقر بها في مرضه لفلان، لم يعرف أصل ملكها له، ولو كان أصلها معروفا له، لما جاز إقراره بها لفلان في مرضه، وإن كان له ولد، على ما تقدم في آخر رسم الوصايا من سماع أشهب، ومضى الكلام على توجيهه.

وقوله: فإن كان له ولد أسلمت الدار إليه، يريد: كان ممن يتهم عليه أو مما لا يتهم؛ لأن الولد يرفع التهمة عنه في ذلك، وذلك إذا لم يكن عليه دين، وأما إذا كان عليه دين يغترق ماله، فلا يجوز له الإقرار إذا كان قريبا أو صديقا ملاطفا، وهو نص ما في كتاب الكفالة من المدونة، وقوله إذا ورث كلالة: إنه إن كان الذي أقر له من يتهم عليه بصداقة أو قرابة لا يرث بها، لم أر أن يقبل قوله، هو المشهور في المذهب.

وقد قيل: إن ذلك يكون في الثلث، وهو قول ابن القاسم في رسم باع شاة من سماع عيسى، من كتاب العتق، ومثله في كتاب المكاتب من المدونة، وإن كان ممن لا يتهم عليه من الأباعد، رأيته أولى، وكان إقراره جائزا، يريد: بالدار، وهو صحيح بين إن لم يكن عليه دين، وأما إن كان عليه دين لا يفي به ما بقي من ماله بعد الدار، فلا يصح إقراره بالدار على مذهب ابن القاسم، وروايته عن مالك في المدونة في أن المريض لا يجوز له أن يقضي بعض غرمائه دون بعض، فقوله: ويقبل قوله، كان عليه دين أو لم يكن، معناه: إن كان الدين الذي عليه يفي به ما بقي من ماله بعد الدار، وأما إن كان لا يفي به ما بقي من ماله بعد الدار. فإنما يصح أن ينفذ إقراره له بالدار، على قياس القول بأن للمريض أن يقضي بعض غرمائه دون بعض في مرضه، وهو ظاهر قول ابن القاسم في المديان من المدونة، وإن حمل قوله: ويقبل قوله كان عليه دين أو لم يكن، على أنه إنما أراد أنه يقبل قوله فيما أقر له به من الغلة كان عليه دين أو لم يكن، صح على ما فيه من بعد التأويل؛ إذ لا اختلاف في أن إقرار المريض بالدين لمن لا يتهم عليه جائز، وإن كان عليه دين يحيط بماله، والله الموفق.

<<  <  ج: ص:  >  >>