كان المبتل مبدأ قبل صاحبه كان أو بعده، فإذا كانا جميعا مبتلين بدئ بالأول فالأول.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: من أنه يبدأ الذي شهد له الأجنبيان، فيعتق في الثلث؛ لأنه إذا شهد الشاهدان للذي قيمته ألفان بالوصية، وشهد ابنا الميت لآخر أنه هو الذي أوصى الميت بعتقه، وجب أن تكون شهادة الشاهدين أعمل من شهادة الابنين؛ لأنهما يتهمان على رد الوصية للعبد الذي قيمته أقل، وكذلك لو شهدا للذي قيمته أكثر أنه هو الذي أوصى أبوهما بعتقه، إن كان عبد يرغب في ولائه، فإذا بطلت شهادتهما بأخذ هذين الوجهين، وجب أن يعتق العبد الذي شهد له الأجنبيان بشهادتهما إن حمله الثلث، أو ما حمل منه، ثم يرجع بعد ذلك إلى الابنين، فيعتق عليهما من العبد الذي قال: إنه هو الموصي بعتقه ما حمل الثلث منه بإقرارهما له بالوصية لا بالشهادة.
وقال هاهنا في الرواية: إنه يعتق عليهما الذي شهدا له بما حمل الثلث منهما جميعا، وذلك بعيد؛ لأنهما مقران أن هذا العبد وحده هو الذي أوصى أبوهما بعتقه، فوجب أن يعتق كله عليهما إن حمله وحده الثلث، أو ما حمل الثلث منه، وكذلك قال في رسم العتق، من سماع عيسى، من كتاب العتق، في نظير هذه المسألة، ولو كانت قيمة العبدين سواء، أو قال الابنان في الذي قيمته أكثر منهما: إن هذا هو الذي أوصى أبونا بعتقه، وكان لا يرغب في ولائه؛ لكان الحكم في ذلك على مذهب ابن القاسم، أن ينظر إلى أعدل البيِّنتين، فإن كان الابنان أعدل من الشاهدين الآخرين، ثبتت الوصية للذي شهدوا له، ولم يجب للآخر شيء.
وإن كان الشاهدان الآخران أعدل من الابنين، ثبتت الوصية للعبد الذي شهدا له، ورجع العبد الآخر على الابنين، فأعتق عليهما منه ما حمل الثلث بإقرارهما له بالوصية لا بالشهادة، ولو تكافيا جميعا في العدالة لسقطا، ورجع على الابنين العبد الذي شهدا له بالوصية، فأعتق عليهما ما حمل الثلث بإقرارهما له بالوصية بالشهادة، ومعنى ذلك، إذا