ترد الوصايا بالظن، قال: ومثل ذلك المرأة توصي لابن زوجها من غيرها، وقد سمعت مالكا يجيزه، ولا يرى رده. قلت: والمرأة توصي لأم ولد زوجها أتجوز الوصية لها؟ قال: أما الشيء التافه اليسير الذي يرى أنها لم ترد به إلا الأم ولو لقلته، ومثل ذلك يوصي به لمثلها، فهو جائز وإن كان كثيرا يرى أنها إنما أرادت به المحاباة لزوجها، فهو مردود على الورثة؛ لأن مال أم الولد هو للسيد إن أحب نزعه منها نزعه.
وأما ما أوصت به المرأة لأبوي زوجها أو لإخوته، أو لأخواته، أو بعض قرابته، أو بعض أخواته المصافين له، أو كل ما يخشى أن يكون إنما أرادت رد ذلك على زوجها حين أوصت به لبعض هؤلاء، غير أن الذي يتهم به لا يعرف، ولم يظهر شيء من سبب يدل عليه إلا ظنا؛ فإنه ماض لمن أوصى له به، ولا ترد وصيتها لسوء الظن بها، ولعل الذي أوصت له لا يريد أن يعطى الزوج من ذلك قليلا ولا كثيرا.
قال: وسواء أوصت للذي توصي له بالمهر الذي على زوجها أو غيره. قال أصبغ مثله، وكذلك وصية الرجل لولد ولده، وأبوهم وارث حي، فهي جائزة، ولا ترد بالظنة؛ قيل لأصبغ: فهل على الموصى له يمين في هذه المسائل كلها، أن ذلك لم يكن توليجا من الميت إليه ليرده على وارثه؟ قال: لا يمين عليه، وهو مدين، وسواء كانت وصيته على أجنبيين أو ذوي قرابة، لا يمين عليهم، ولا يرد ما كان من فعل الميت في ذلك بالظنة والتهمة.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة كلها صحيحة لا اختلاف فيها، حاشا قول أصبغ: إنه لا يمين على الموصى له؛ أن الوصية إليه لم