في ثمنه، وإنما المساكين هاهنا بمنزلة أحد الورثة، ألا ترى أنه لو أوصى لرجل بعينه بثلث ماله؛ لكان الموصى له أولى به من الوارث؟ فكذلك وصيته للمساكين. قال: وسألت أصبغ عن رجل أوصى بثلث جميع ماله في المساكين صدقة، فوقعت الوصية في داره وأرضه، وجميع ماله، فقال ورثته: نحن نأخذ هذا الثلث في الأرضين والدار؛ لأننا لا نريد الخروج من الدار، ولا من الأرضين، أترى أن يعطوا ذلك بقيمة أم يصاح عليه فيمن يزيد، فيزيدون ويأخذونه؟ قال أصبغ: لا أرى أن ينادى عليه؛ لأنه يدخل في ذلك الضرر وعلى الورثة إذا علم الناس رغبتهم فيه، زادوا إضرارا بهم، ولا حاجة بهم إلى الشراء، لما يعلمون من رغبتهم فيه.
قال: وأرى إن كان الميت وكل بذلك الثلث من يقوم به، وبإخراجه وتفريقه أن يعامل الورثة في ذلك يأتي بصراء فيقومون ذلك، ثم يعطيهم إياه بقيمته، وإن لم يكن الميت جعل ذلك إلى أحد، كان أمره إلى السلطان، ووكل السلطان به رجلا ينظر فيه على نحو ما قلت لك، فإن قال الناظر في ذلك: فإني أرى اقتسامهم، فأفرز ثلث الدار والأرضين ثم أبيعه مفروزا؛ لأنه إنما ... بثمنه، فقال لي: ليس ذلك له، وهذا ضرر بهم، ولكن يأخذونه بالقيمة؛ لأن أصل الوصية لم يكن بالرقبة، إنما كانت بمال يخرج، ألا ترى أنه قال: ثلث مالي في المساكين صدقة، فقد علم أن ثلث داره لا يقسم في المساكين، وإنما وصيته على المال، فلا أرى أن يقسم، ولا ينادى عليه، ولكن يعطوه بقيمته على العدل؟ قلت: فإن قال: الورثة لا نريده، وتبرءوا منه، فإن أبى الناظر في ذلك أن يقسمه ثم يبيعه