ورثة الميت بمصر، فعثر ورثة الميت على ذلك المتاع بعينه، فقاموا يريدون أخذه، أذلك لهم أم لا؟ وقال أهل الوصي: قد ضمن صاحبنا وتعدى فيه، وأكرى عليه من أرض نائية، فليس لكم علينا إلا الثمن الذي وقع به هذا المتاع على صاحبنا، فهل ترى لورثة الميت أخذ المتاع منهم أم لا؟ قال سحنون: الورثة يخير بين إن أحبوا أن يأخذوا المتاع بعينه، فذلك لهم، ولا شيء عليهم من كراء ذلك المتاع، وإن أحبوا كان لهم على الوصي الثمن الذي اشترى به المتاع والقيمة، إن كانت أكثر. قال: وسألت أبا زيد بن أبي العمر عن ذلك، فقال لي مثله.
قال محمد بن رشد: قوله ويقضوا ورثة ذلك الميت بمصر غلط، والله أعلم، وإنما صوابه بالأندلس على ما ساق عليه المسألة؛ أن الرجل كان من أهل الأندلس، ومات بمصر. وقوله: إن الورثة بالخيار، بين أن يأخذوا متاعهم دون كراء يكون عليهم، وبين أن يكون لهم الثمن الذي اشترى به المتاع، فذلك بين لا اختلاف فيه؛ لأنه متاعهم بعينه، فلهم أن يأخذوه إن شاءوا، وإن شاءوا أن يأخذوا الثمن، كان ذلك لهم، من أجل أنه قد ألزمه نفسه ورضي به، وأما قوله: إن لهم أن يأخذوا القيمة إن كانت أكثر من الثمن، فهو خلاف المعلوم من مذهبه في أن من تعدى على متاع رجل، فحمله من بلد إلى بلد، فليس له إلا أخذ متاعه، إذا لم يفت بذلك عنده؛ لأنه رأى نقله من بلد إلى بلد مثل حوالة الأسواق، مثل قول ابن القاسم وأشهب وغيرهما من أصحاب مالك.
وقد مضى تحصيل القول في هذا المعنى، في رسم أسلم، من سماع عيسى، من كتاب الوديعة في العروض والحيوان والرقيق والطعام، فقف على ذلك هنالك، وبالله التوفيق.