من ثلثه فيعتق، وما بقي من ثلثه، فاشتروا به رقابا فأعتقوها، وأوصى بوصايا. قال: ينظر إلى الوصايا، وإلى الرقبة الأولى، فإن قصر الثلث عنهم تحاصوا في الثلث، فإن كان في الثلث فضل جعل في الرقاب التي أوصى بها، وذلك أن كل من أوصى بشيء بعينه لأحد، أو أمر به فسماه، وقال: ما بقي من ثلثي فاجعلوه في كذا وكذا، أو أوصى بوصايا سماها قبل ما أوصى به أو بعده، إلا أنه قال: ما بقي من ثلثي ففي كذا وكذا بعد التسمية، فإن التسمية والوصايا تبدأ قبل الذي جعل فيه ما بقي من ثلثه، وإن كانت الوصايا بعدما أوصى أو قبله، فهو سواء، وهذا قول مالك، فمسألتك الأولى على هذا.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه ينظر إلى الوصايا وإلى الرقبة الأولى، فإن قصر الثلث عنهم، تحاصوا فيه، هو مثل ما في المدونة من أن الرقبة بغير عينها لا تبدأ على الوصايا، وقد اختلف في ذلك وفي الوصية بالحج، فقيل: إنها كلها سواء في التحاص، وقيل: تبدأ الرقبة على الحج، ويتحاص المال مع الحج ومع الرقبة، والوجه في ذلك أن الرقبة آكد، ثم المال، ثم الحج، فتتحاص الرقبة مع المال، لقرب ما بينهما، والمال مع الحج أيضا لقرب ما بينهما، وتبدأ الرقبة على الحج، لبعد ما بينهما.
وقيل: تبدأ الرقبة على المال والحج، وقيل: يبدأ الحج، على الرقبة والمال. وأما قوله: إذا أوصى بوصايا، وقال ما بقي من ثلثي، فاجعلوه في كذا وكذا، ثم أوصى بعد ذلك بوصايا، فإن الوصايا تبدأ قبل الذي جعل فيه ما بقي من ثلثه، وإن كانت الوصايا بعدما أوصى أو قبله، فهو سواء، فهو مثل ما تقدم في رسم الصلاة، من سماع يحيى، وفي رسم أسلم، من سماع عيسى، وذلك على ما بينه محمد بن المواز، حسبما بيناه واستوفينا القول فيه في رسم أسلم، من سماع عيسى المذكور، وبالله التوفيق.