قال محمد بن رشد: لم يفرق في هذه الرواية بين أن تكون الألف قد حلت على المكاتب أو لم تحل عليه، بل الظاهر منها أنها لم تحل عليه فهي إذا حلت أحرى أن لا يكون للموصى له في ذلك قول ولا حجة، فذلك خلاف ما في رسم الوصايا من سماع أصبغ من كتاب المكاتب في الذي يوصي بنجم من نجوم مكاتبه، فيقول الورثة: نحن ندفع إليك النجم، ويقول الموصى له: لا أرضى بذلك لعله أن يعجز فيكون لي فيه حق، فقال: إن كان النجم لم يحل فذلك له، وإن كان قد حل، فذلك لهم، وهو أظهر من قوله في هذه الرواية؛ لأن الموصى له ينزل بالوصية فيها على المكاتب بمنزلة المشتري، ولا اختلاف في أن المشتري لجزء من كتابة المكاتب، أو لنجم غير معين من نجومه، على القول بجواز ذلك، لا يكون للشريك أن يدفع للمشتري ماله على المكاتب، ويتبع بذلك المكاتب، فيكون أحق برقبته إن عجز. والوجه في هذه الرواية أن الموصي إنما قصد إلى الوصية بالألف بالرقبة إن عجز، فإذا أعطى الورثة الموصى له ماله على المكاتب، وعجلوا ذلك له لم تكن له حجة، فعلى هذه الرواية لو لم يعجل الورثة له بالألف فعجز لم يكن للموصى له بها حق في رقبة المكاتب. وهذا على القول بأن لموهوب كتابة المكاتب لا تكون رقبته إن عجز، وهو أحد قولي ابن القاسم في روايتي أبي زيد عنه في كتاب المكاتب، إذ لا فرق بين الوصية والهبة في هذا. وقد قيل: إن معنى هذه الرواية أن الألف كانت حالة على المكاتب، فليست بخلاف لما في سماع أصبغ من كتاب المكاتب، ولو دفع إليه الورثة الألف قبل أن يعجز على القول بأن رقبته كانت تكون له لو عجز، فعجز المكاتب فيها قبل أن يدفعها إليهم أو فيها بقي من الكتابة بعد أن دفع الألف إليهم، كانت رقبته لهم ولم يكن للموصى له أن يرد الألف إليهم ويشاركهم في الرقبة كما يكون للموصى لهم بالكتابة إذا قبض بعضهم ما أوصى له به منها إن عجز في حظ الباقيين منهم؛ لأن الموصى لهم إذا انفردوا بالكتابة في ذلك بمنزلة الورثة قيل: إنهم بمنزلتهم إذا قبض أحدهم حقه بشيء يبدأ صاحبه في