لهما إذا كانت هذه الحال هكذا. وأما المعتق إلى أجل فلا تجوز له الوصية أيضا، وإن كان أجل عتقه قد تقارب، إلا أن يكون لم يبق من أجله الذي يعتق إليه إلا بقدر الثلاثة الأيام والخمسة، ونحوها مما يقل جدا فأرى الوصية جائزة.
قلت: أرأيت إن افتقر سيد أم الولد والمدبر، والمعتق إلى أجل قرب الأجل أو في مرض السيد الذي يمتنع منه فيه أخذ مال المدبر وأم الولد، فاحتاج سيدهم في هذا الحين، ولا مال له غيرهم، ولهم أموال، أترى أن ينفق عليهم من أموالهم؟ أو لا ترى أن يؤخذ لهم من أموالهم نفقة، ويكونون من فقراء المسلمين؟ فقال: بل أرى لهم في أموالهم نفقة حتى يموت أو يعتق المعتق إلى أجل، إذا لم يكن له مال ينفق منه على نفسه، ولا يترك بموت، وللعبد أموال ومتاع، ومنع سيدهم أخذ أموالهم في هذه الحال ليس بالقوي، ولم يأت فيه أثر ولا سنة وإنما ذلك استحسان من أهل العلم، فإذا بلغ منه الحاجة، ولم يكن له مال ينفق منه رأيت أن ينفق عليهم من أموالهم حتى يموت أو ينقضي أجل المعتق، فهو أيضا مما يوهن مسألتك في الوصية ويضعفها، وتنزل به التهمة.
قال محمد بن رشد: أما وصيته لعبد ابنه أو لأم ولده في مرض الابن، فقوله: إن الوصية له في هذه الحال لا تجوز بين، إذ قد يصح من مرضه، فيكون له انتزاع ذلك، وأما قوله في أن وصيته لعبد ابنه المعتق إلى أجل لا تجوز إلا أن يقرب الأجل جدا مثل الثلاثة الأيام والخمسة ونحوها فهو استحسان، والقياس على المذهب أنه إذا لم يبق من الأجل إلا ما لا يجوز فيه انتزاع ماله أن تجوز الوصية له، وإذا لم يبق من الأجل إلا نحو الشهر فليس له أن ينتزع ماله. قاله في كتاب ابن المواز ومثله في مختصر ابن عبد الحكم