والشاهدان اللذان شهدا لميمون وشهدا أنه مات من مرضه ذلك، ولم يصح منه، وهم كلهم عدول، قال: يعتق نصف ميمون، ونصف مرزوق، وكذلك لو أن رجلا هلك وترك ولدا مسلما وولدا نصرانيا، فشهد رجلان أنه مات على الإسلام، وشهد رجلان آخران أنه مات على النصرانية، وهم كلهم عدول. قال: إن كان بعضهم أعدل من بعض قضي بشهادة العدول، وإن كانوا كلهم عدولا وكانوا في العدالة سواء أعطي المسلم نصف مال الميت، وأعطي النصراني نصف المال الباقي.
قال محمد بن رشد: قوله في المسألة الأولى: إنه يعتق نصف ميمون ونصف مرزوق، معناه: إذا تكافأت البينتان في العدالة؛ لأنه إذا تكافئا سقطا جميعا، ويعلم أن العتق قد وجب لأحدهما يقينا فأعتق من كل واحد منهما نصفه، إذ لا يعلم من هو المعتق منهما، ولو كانت البينة الواحدة أعدل من الأخرى لقضي على مذهبه بالتي هي أعدل، وهو نص قوله في سماع أصبغ من كتاب العتق. وقال أصبغ فيه: إن شهادة الصحة أعمل وهو في هذه المسألة أظهر لأنها علمت من صحته ما جهلته الأخرى، ومثل قول أصبغ لابن القاسم في سماع أبي زيد عنه من كتاب الشهادات في التي أوصت في مرضها فشهد شهود أنها كانت صحيحة العقل، وشهد آخرون أنها كانت موسوسة؛ لأنه إذا قال في تلك: إن شهادة الصحة أعمل فأحرى أن يقول ذلك في هذه، وإذا قال في هذه: إنه ينظر إلى أعدل البينتين، فأحرى أن يقول ذلك في تلك وقد ساوى أصبغ في سماعه من كتاب العتق بين المسألتين فيتحصل في مجموع المسألة ثلاثة أقوال: أحدها: إنه ينظر فيهما جميعا إلى أعدل البينتين. والثاني: إن شهادة الصحة أعمل فيهما جميعا. والثالث: إن شهادة الصحة أعمل في هذه وينظر إلى أعدل البينتين في مسألة سماع أبي زيد من كتاب الشهادات، ويتخرج في مسألة سماع أبي زيد قول ثالث: إن