قال محمد بن رشد: كان القياس في هذه المسألة على ما يقتضيه ظاهر لفظ الموصي، فحمله على عمومه، إذ قال: ومن باع منهم نصيبه بثلث ما يصير له للمساكين أو لم يفرق بين أن يبع نصيبه من أجنبي، أو من بعض الورثة، فيوجب على الرجال الصدقة بثلث الأربعين التي قبضوها من النساء؛ لأنهم قد باعوا بها من النساء بعض حظهم الواجب لهم بالميراث من الدار، إلا أنه رأى أن الموصي إنما أراد ألا يخرج الدار عنهم، ولا يبيعوها ولا شيئا منها من غيرهم. فرأى وجه ما أوصى به، أنهم إن باعوا الدار كان عليهم أن يتصدقوا بثلث الثمن، وإن باع أحد منهم حظه الواجب له بالميراث في الدار من أجنبي كان عليه أن يتصدق بثلث ثمن ذلك، وعلى هذا أتى جوابه في المسألة فقال: إنه لا شيء على الرجال في الأربعين التي أخذوها من النساء في الزيادة على حظهن من العلو، وقوله: أفترى رد النساء على الرجال بيعا؟ معناه: أتراه بيعا يجب به على الرجال الصدقة بثلث الأربعين، قال: لا فإن باع النساء العلو من أجنبي بعد أن استخلصوه بأربعين التي زادها، كان على الرجال في الأربعين التي أخذوها من النساء في الزيادة عليهن، أن يتصدقن بثلث ما كان لهن بالميراث في الدار، ولم يجب عليهن شيء فيما ناب من الثمن، ما يجب منه لما صار إليهن من قبل الرجال بالأربعين التي زادها. فهذا معنى قوله: ولا يجب عليهن في العشرين شيء، وكان حقه أن يقول: ولا يجب في الأربعين شيء أي فيما يجب من الثمن، لما صار إليهن من قبل الرجال بالأربعين؛ لأنه لم ينزل المسألة إلا على أنهن رددن أربعين لا على أنه رددن عشرين. وقوله: يخرجن العشرين ثم يتصدقن، بما بقي، لفظ خرج على التجاوز، ومعناه: يخرجن ما يجب من الثمن لما اشتروه من الرجال بالعشرين، إن كن رددنهم عشرين ثم يتصدقن بثلث ما بقي، لا بما بقي. وكذلك قوله: إن باع الرجال الذي لهم أخرجوا ثلث ما باعوا به، وثلث العشرين التي أخذوها. معناه: إن كانوا أخذوا من النساء في خروجهن العلو عشرين، كما ذكر في أول المسألة، وهو صحيح؛ لأن النساء لما بعن