ويتصدق بثمنها بها، ثم يتحاص أصحاب الدين الذين يعرفون، والذي لا يعرفون، وإن قامت البينة على ما ذكر، فإنه يحاص في الثياب وفي الدين الذي ذكر لقوم يعرفون، ولقوم لا يعرفون جميعا.
قال محمد بن رشد: قوله: إن لم يكن على ما ذكر بينة معناه: إن لم يكن ما ذكر من الديون التي أقر بها بينة؛ لأنه إذا لم يكن لهم بينة على ديونهم، لم يكن لهم حجة فيما أقر به من الثياب، أنه لا شيء له فيها، إذ لو شاء لم يقر لهم بشيء، كما أقر لابنه بمائة دينار، ولرجل أجنبي بمائة، فليبدأ بالثياب التي أوصى أن تباع ويتصدق بثمنها، وتكون الديون التي أقر بها للذين يعرفون، والذين لا يعرفون فيما بقي من ماله بعدها، فيتحاصون في ذلك، فما ناب الذين يعرفون أخذوه، وما ناب الذي لا يعرفون وقف لهم، فإن لم يأت له طالب تصدق به، وهذا إذا كان له ولد، على قياس ما مضى من قوله في هذا السماع، وفي غيره من المواضع، وأما إن لم يكن له ولد فالذين يعرفون أحق بما بقي بعد ثمن الثياب التي أوصى أن تباع، ويتصدق بثمنها؛ لأن إقراره لمن لا يعرف لا يجوز إذا كان يورث كلالة، وإن فضل من المال فضل بعد دين الذين يعرفون وقف الدين على الذين لا يعرفون إن كان يسيرا، وإن كان للورثة إن كان كثيرا على قياس ما مضى في صدر هذا السماع وفي غيره أيضا.
وقوله: فإن قامت البينة على ما ذكر، معناه: فإن قامت البينة على الديون التي أقر بها يحاص في ثمن الثياب بالديون التي ذكر لقوم يعرفون ولقوم لا يعرفون، ذلك بين على ما قاله؛ لأنه إذا كانت لأرباب الديون بينة على ديونهم لم يصدق فيما أقر به من أن الثياب لا شيء له فيها، وبطلت وصيته بالتصدق بها.
وقوله: يحاص في الثياب وفي الديون الذي ذكرها خطأ في الرواية، وصوابه فإنه يحاص في الثياب بالدين الذي ذكر لقوم يعرفون، ولقوم لا يعرفون. وبالله التوفيق.