غائبة عنه ببلاد غير بلاده، فلا يقبضها ابنه حتى يموت أبوه، أتراها له؟ قال: إن كان صغيرا أيحوز له ويليه، فإني أرى له ذلك، وإن كان كبيرا فإني لا أرى له، فقلت له: فإنه لم يفرط في الخروج، لعله كان يريد الخروج حتى مات أبوه، وقال: وكذلك أيضا لو كان غيره ممن ليس هو مثله في القرابة. وقد قال عمر بن الخطاب: إن لم يحزها فهي على الوارث، فإني أرى إن لم يحزها فهي للورثة.
قال محمد بن رشد: الدار على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك في المدونة وغيرها في الحيازة بخلاف الأرض؛ لأن لها حيازة، تحاز بها، فإن كانت حاضرة، فحازها الموهوب له بالقبض لها والعقد عليها، وإن لم يسكنها فهي حيازة، وإن لم يفعل ذلك حتى مات الواهب بطلت الهبة، ولا خلاف في هذا.
وأما إن كانت غائبة، فاختلف فيها على ثلاثة أقوال:
أحدها: الحيازة لا تكون فيها عاملة، إلا أن يخرج إليها فيحوزها بالقبض لها والقفل عليها قبل أن يموت الواهب، فإن مات الواهب قبل ذلك، بطلت الهبة، وإن كان الموهوب له لم يفرط في الخروج أو التوكيل وهو قوله في المدونة، وفي هذه الرواية، ومثله في كتاب ابن المواز.
والثاني: قول أشهب: إنه لم يفرط في الخروج والقبض، ولعله قد تهيأ لذلك، أو وكل فلم يخرج حتى مات الأب، فهي جائزة وإن أمكنته الحيازة ففرط حتى مات، فهي باطل.
والثالث: إنه لم يفرط فخرج قبل أن يموت الواهب، فهي حيازة وإن لم يدرك قبضها في حياته، فقبضها بعد وفاته ولا اختلاف في أنه إذا فرط في الخروج، فمات الواهب قبل أن يخرج، أو خرج قبل أن يموت، فلم يدرك أن يقبض حتى مات، من أجل أنه فرط في الخروج، فهي باطل.
وأما الأرض، فإن تصدق بها في أوان يمكن حيازتها بحرث أو زراعة أو كراء، وما أشبه ذلك، كالدار سواء إن كانت حاضرة، فلم يحزها بشيء