أولادهم ما بقي منهم أحد، فإذا انقرضوا فمرجعها إلى ولده، فلم تزل كذلك حتى لم يبق منها إلا رجل واحد، فعمد إليه بعض الذين إذا مات الموالي رجعت إليهم من ورثة المتصدق، فتكاراها منه عشرين سنة، فقام ورثة المتصدق، فقالوا: لا نجيز هذا نخاف أن يموت هذا المولى في عشرين سنة، فتقوم علينا بحيازتك، فقال مالك: إن هذا المولى إذا مات في السنتين وانفسخ الكراء، ولقد أكثر هذا في السنين، فقيل: أجل، إنه إذا مات في السنين انفسخ الكراء، ولكنه شاب وهم يخافون طول حياته وطول حيازة هذه الدار، إذا تكاراها عشرين سنة، قال: فليكتبوا عليه بذلك كتابا ويتوثقوا عليه فيه.
قال محمد بن رشد: أجاز في هذه المسألة اكتراء الدار عشرين سنة، من الذين صارت إليه بالتحبيس من عقب الموالي، والكراء ينتقض بموته؛ لأنها حبس عليه لا حق له فيها إلا ما دام حيا.
ومعنى ذلك: ما لم ينفذ؛ لأنه إن نفذ فمات انتقض الكراء، فرجع إلى المكتري كراء ما بقي من المدة، فكان سلفا منه، وقيل: إن الكراء لا يجوز إلى مثل هذه المدة الطويلة، وإن لم ينفذ، وهو ظاهر ما في كتاب الوصايا الثاني من المدونة فيمن أوصى له خدمة عبد حياته، إنه لا يجوز له أن يكريه إلا الأمد القريب: السنة والسنتين والأمر المأمون الذي ليس ببعيد، ولم يفرق بين النقد وغيره، ففي القريب يجوز الكراء بالنقد وبغير النقد، على ظاهر ما في المدونة لابن المواز، ويحتمل أن يحمل ما في المدونة من إجازة الكراء على الأمد القريب على ألا ينفذ، فالكراء في القريب يجوز بغير نقد باتفاق، وفي البعيد لا يجوز بالنقد. ويختلف هل يجوز بغير النقد في البعيد، وبالنقد في القريب؟ على قولين.
وقد نص على ذلك في كتاب ابن المواز. وقع فيه بإثر هذه المسألة، قال مالك: لا يدفع في كرائها، ولكن يكريها قليلا قليلا، وكذلك قال عبد