الديون إن لحقته، ويبيع ويصنع بها ... ولا يفسخ عنه الصدقة ولا ترد؛ لأنه إنما أعطيها على الوطء، وعلى طلب الولد، فقد وطئ، فإذا وطئ فقد طلب الولد، فأرى وطأه إياها فوتا، حملت أو لم تحمل، ولا قيمة عليه، حملت أو لم تحمل.
قال محمد بن رشد: قوله: لا يجوز له وطؤها على هذا الشرط - معناه: إن ذلك لا يجوزه حتى يوقف المتصدق، فإما أن يسقط الشرط، وإما أن يسترد الجارية، فإن مات المتصدق قبل أن يوقف على ذلك يخرج الحكم في ذلك على قولين:
أحدهما: إن ورثته ينزلون منزلته في ذلك، فيخيرون بين إسقاط الشرط أو استرجاع الجارية ما لم تفت بوطء على مذهب، أو يحمل على مذهب أصبغ.
والثاني: إن الصدقة تبطل إن مات قبل أن تفوت الجارية عند المتصدق عليه بوطء أو بحمل، على اختلاف قول ابن القاسم وأصبغ، فالصدقة على القول الأول على الإجازة حتى ترد، وفي القول الثاني على الرد حتى تجاز، فلا اختلاف في أنها تفوت بالحمل إذا أحبلها قبل أن يوقف المتصدق على إسقاط الشرط، أو استرجاع الجارية، فتجب له دون قيمته.
واختلف هل تفوت بالوطء؟ فأفاتها ابن القاسم في هذه الرواية، ولم يفتها له أصبغ على ما حكى ابن حبيب في الواضحة وأراد عنه أنه أفاتها بالبيع وبالعتق أو التدبير، أو ما أشبه ذلك، قبل أن يعلم بفساد الصدقة، لزمته القيمة؛ لأنها فاتت في غير ما أعطيت له، واستحسن ابن حبيب قول أصبغ، وأخذ به.
ويتخرج في المسألة قول ثالث: وهو أن تجوز الصدقة ويبطل الشرط، على ما قاله في المدونة في الذي يحبس الدار على رجل وولده، ويشترط أن ما احتاجت إليه من مرمة، رم المحبس عليهم، إن الدار تكون حبسا على ما جعلها عليه، ولا يلزمهم ما شرط عليهم من مرمتها، وتكون مرمتها من غلتها.