منه ثلثه هكذا أبدا يدور هذا السهم بينهم حتى ينقطع، وسواء علم الهبة أو لم يعلم على ما يأتي عليه جوابه، من أن هبة البتل في المرض لا تبطل بموت الموهوب له قبل الواهب، وتدخل فيما علم الواهب وما لم يعلم، وكذلك قال ابن عبدوس في كتابه للرد، وأن التسعة الأسهم ثلثها ثلاثة، لورثته الواهب الثاني، ثم يؤخذ منها سهم، وهو ثلث ماله، قال: فاعلم أن هذا السهم دائر؛ لأنك إن أعطيه لورثة الأول، قام عليهم ورثة الثاني في ثلثه، كما صار؛ لأن هبته البتل تدخل فيما علم به الميت وما لم يعلم، ثم يقوم عليهم ورثة الأول في ثلث ثلثه فيدور هكذا بينهم حتى ينقطع، فلما كان هذا هكذا، وجب أن يسقط السهم الدائر، ويقسم ذلك السهم بين الوارثين، على ما استقر بأيديهم، فيصير المال بينهم على ثمانية أسهم، ستة لورثة الواهب الأول، واثنان لورثة الواهب الثاني.
وقد قال أبو محمد: هذا الذي ذكر عيسى عن ابن القاسم - هي مسألة دور، ولم يجعل فيها دورا، وهذا الذي قال أبو محمد عن ابن القاسم، لم يجعل فيها دورا لا يصح، على ما جرى جوابه من أن هبة البتل تدخل فيما علم الواهب وفيما لم يعلم، وإنما يصح إسقاط الدور فيها إن لم يعلم الواهب بالهبة على القول بأن هبة البتل لا تدخل إلا فيما علم الواهب، وهو قول ابن القاسم في رواية عيسى عنه في المدنية وقوله أيضا في رواية أصبغ عنه في بعض روايات العتبية في سماعه من كتاب المدبر، فحكم في هذه الهبة في المرض بحكم الوصية، ولم يحكم لها بحكم الوصية فيما تقدم له في رسم الجواب إذا قال فيه: إن هبة البتل يحل ورثة الموهوب له فيها محل موروثهم إذا مات قبل الواهب، وهذا على قياس مطرد؛ لأنه إذا لم يحكم للهبة في المرض بحكم الوصية في سقوطها بموت الموهوب له قبل الواهب، وجب ألا يحكم له بحكمها في أنها لا تدخل إلا فيما علم، فالذي ينبغي أن يتأول عليه، أن ذلك إنما هو اختلاف من قوله، مرة حكم للهبة في المرض بحكم الوصية في كل حال، ومرة رآها أقوى من الوصية، فلم يحكم لها بحكمها في حال. وبالله التوفيق.