للصغير، لأيهما ترى الغلام؟ فقال: أراه للصغير إذا لم يحزه الكبير. قيل له: إنه تركه خوفا من سخط أبيه، وقد أشهد أنه غير راض بما صنع، فقال: لا ينفعه الإشهاد؛ لأنه لو شاء أن يخاصمه فيه قضى له به، فقد آثر بر أبيه والتماس رضاه على أخذ صدقته، فله أجر البر إن شاء الله تعالى، ولا صدقة له إلا بالحيازة.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ أنه إذا لم يقبض الابن الكبير الغلام حتى مات الأب المتصدق، فلا صدقة له؛ إذ لا تتم الصدقة إلا بالحيازة، فله أجر البر كما قال في تركه القيام على أبيه في الغلام الذي تصدق به على أخيه بعد أن كان تصدق به عليه، وكذلك يقول ابن القاسم: لو تصدق على آخر كبير فقبضه؛ لكان الأول أحق به، وأشهب يرى أن الثاني إذا حازه فهو أحق به من الأول، فيتخرج على قياس قوله إذا تصدق به على ولد له كبير، ثم تصدق به على آخر صغير، وحازه قبل أن يقبضه الأول قولان؛ أحدهما: أن حيازة الأب للصغير كحيازة الكبير لنفسه، فلا يكون للأول شيء، وإن قام عليه في حياته. والثاني: أن حيازة الأب للصغير ليست كحيازة الأب للكبير، ويكون الابن الكبير المتصدق عليه أولا بالعبد أحق به، إن قام على الأب في حياته، والقولان في حيازة الأب للصغير، هل تكون في القوة كحيازته للكبير قائمان، من مسألة رسم الجواب، فيما تقدم.