ولو قرب الأمر جدا مثل أن تتصدق بثلث مالها، ثم تتصدق بعد يوم أو يومين بثلث الباقي، أو أقل؛ أو أكثر رد الجميع كما لو كان في عقد واحد، ولا فرق في القياس بين اليوم واليومين، والشهر والشهرين في أنه يجب أن يمضي الأول ويرد الثاني، فقد قيل: إنه يمضي الثلث، ويرد ما زاد عليه، وإن كان في صفقة واحدة، فكيف إذا كان في صفقتين؛ وأما إن بعد ما بين ذلك، فينظر في الأول، فإن كان الثلث فأقل جاز، وينظر فيما بعده؛ فإن كان الثلث فأقل من الباقي بعد الأول جاز، وإن كان أكثر من الثلث لم يجز، وإن كان الأول أكثر من الثلث رد، ونظر فيها بعده؛ فإن كان أكثر من ثلث الجميع رد، وإن كان الثلث فأقل جاز، وهذا على قياس ما قاله ابن القاسم في رسم المكاتب، من سماع يحيى، من كتاب العتق، وحد التباعد فيما بين الأمرين الستة الأشهر فأكثر، على ما حكى ابن حبيب، وقيل العام؛ لأنه حد في غير ما مسألة؛ وقد قيل: إنها إذا تصدقت بثلث مالها لا تنفذ لها عطية في باقيه بحال، قرب ذلك أو بعد؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن تقضي في جميع مالها، قال ذلك عبد الوهاب، إلا أن تفيد مالا آخر، فيكون لها أن تقضي في ثلثه، والقياس أن لها أن تقضي في جميع ما أفادت بعد النكاح، إذ لم يتزوجها الزوج عليه، فلا يحجر عليه فيه، واختلف إذا قضت في مالها بتفويت أكثر من ثلثه، فقال ابن القاسم: يرد الزوج الجميع، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة يرد ما زاد على الثلث، وهو قول مالك في رواية ابن الماجشون عنه.
فحمل ابن القاسم فعلها فيما زاد على الثلث على الضرر، فأبطل جميعه، وحمله عبد العزيز أبي سلمة على غير الضرر، فرد منه ما زاد على الثلث كالوصية، وهو الأظهر؛ إذ قد تفعل ذلك رجاء أن يجيزها زوجها، وقد تجهل أن لزوجها أن يحجر ذلك عليها، ولا اختلاف في أن فعلها في