مكافأة له، ففات ذلك وقبضه؛ لجاز ذلك، ولم يكن للمعطي أن يتعقبه فيه بأمر ينتزع به منه الذي تطوع له به وكافأه به من غير سلطان ألزمه إياه؛ لأنه إنما أعطاه ذلك للذي كان يلزمه له من أجر مثله فيما قام له به من الخصومة، وشخص له فيه، فأرى أنه إن كانت عطيتها إياه على غير مقاطعة سميت له في أصل الجعل، أو صدقة منها، فهي حلال في الأمرين جميعا العطية له جائزة، والصدقة كذلك، قال فإن كانت جاعلته على ثلث ذلك المنزل عند ابتداء الخصومة، فذلك موضوع عنها، وله أجر مثله؛ وذلك أن مالكا قال: لا يحل الجعل في الخصومة على إن فلج فله جعله، وإن لم يفلج فلا شيء له؛ ومن عمل في هذا فله أجر مثله.
قلت: فما وجه ما تجوز به الإجارة في الخصومة؟ قال: لا أرى به بأسا مشاهرة، إذا عرف وجه الشخوص فيها شهرا بشهر، فلا أرى أيضا بأسا أن يقاطع إذا كان الذي يخاصم فيه شيئا معروف القدر، خفيف الخطر، ووجه الشخوص فيه لا يكاد يختلف فيه.
قال محمد بن رشد: وقعت هذه المسألة في سماع سحنون، من كتاب الجعل والإجارة ملخصة محذوفة، وبعض ألفاظها مخالفة لما وقع فيها هاهنا، من ذلك أنه قال فيها هناك أنه ادعى أنها صدقة، وأقام البينة على صدقته، وهم مقرون بها، غير أنهم قالوا: إنما فعلنا؛ لأنا ظننا أن ذلك يلزمنا، وإنما قاموا عليه بعد سنين والمعنى فيها، أن الرجل خاصم في القرية