يموت فيترك الورثة تلك الرقيق في يد المتصدق عليه نحوا من ثماني عشرة سنة، ثم يريدون اقتسام تلك الرقيق، ويقولون: إنما تركناها في يدك على حال إرفاقك بخدمتها، فإذا زعمت أنك حبستها بأنها عليك صدقة، فهات على دعواك بالبينة؛ فيقول: قد طال ترككم إياها عندي معرفة منكم بحقي، ولو سألتموني البينة على الصدقة بحداثة موت أبي وجدتها، وقد ماتوا اليوم أو نسوا، وفي ترككم إياها في يدي إقرار منكم بمعرفة صدقي، ولعله قد كان يعتق ويتصدق ويبيع.
قال ابن القاسم: إن جاء بالبينة على أهل الصدقة فالأب عليه حائز مع قبضه للرقيق بعد أبيه، وترك الورثة ذلك في يدي لا يكلفونه حوزا، ولا يسألونه إياه، وإن لم تكن له بينة على أصل الصدقة، وإنما أراد أن يوجب لنفسه دعواه بترك الورثة اقتسام الرقيق، فلا حق له فيها إلا مورثه منها، إلا أن يكون إذ حازها بالقبض لها، كأن يعتق ويبيع ويصنع ما يصنع المرء فيما خلص له من الأموال، فإن كان كذلك مع حضور الورثة وعلمهم بفعله، فهو أحق بالرقيق من جميع الورثة، قال: وإن كان إنما أعتق رأسا من عدة رقيق، أو تصدق بيسير من كثير، فإن ذلك لا يوجب له الصدقة التي ادعى، لا فيما أحدث فيه، ولا فيما بقي من الرقيق؛ غير أنه إن كان أعتق، قوم عليه؛ وإن كان باع، غرم أنصباء أشراكه من الثمن لحضورهم وعلمهم بالبيع؛ قال: وإن كان الذي أحدث فيه من العتاقة والبيع والصدقة، وما أشبه ذلك في جل الرقيق وأكثرها، فالذي