قال محمد بن رشد: قوله: أو كانت آنية يريد آنية فصاغها، فقوله في الدنانير والآنية إذا وهب ذلك لابنه ثم صاغه له حليا، أنه لا اعتصار له في ذلك؛ لأنه قد تغير عن حاله؛ تعليل صحيح، وهي علة متفق عليها إن كان صاغها بمال الولد، وأما إن كان صاغها له بماله، أو أخرج أجرة صياغتها منها، فيجرى ذلك على الاختلاف في الهبة تتغير في بدنها بنقصان أو نماء، من غير أن تنمو بنفقة الابن؛ لأنها إذا نمت بنفقة الابن، فلا اختلاف في أنه لا اعتصار للأب فيها، مثل أن يكون صغيرا فينفق عليه حتى يكبر، أو هزيلا فينفق عليه حتى يسمن، أو دارا فيصلحها ببنيان وما أشبه ذلك؛ فظاهر قوله في هذه الرواية أن تغير الهبة في بدنها بأي وجه كان من زيادة أو نقصان، يفيت فيها الاعتصار، وهو ظاهر قول مالك في المدونة ما لم يحدثوا دينا، أو ينكحوا، أو تتغير عن حالها؛ وهو قول أصبغ في الواضحة، خلاف قول مطرف، وابن الماجشون: إن تغير الهبة في بدنها بالزيادة والنقصان لا يفيت فيها الاعتصار، وأما تشبيهه صياغة الدنانير له بابتياعه له بها الجارية، فليس ببين؛ لأن الدنانير التي وهب له قد صارت لبائع الجارية، والجارية ليست عين ما وهب، وأما الحلي فهو عين ما وهب من الدنانير أو الآنية، وفي المدنية قال: سمعت مالكا يقول: الأب يعتصر من ابنه الجارية ينحله إياها، وإن ولدت عند الابن، وكذلك الحيوان، ولم يبين إن كان ولد الجارية من زوج أو زنى، والظاهر أن ذلك عنده سواء؛ إذ لو افترق الأمر عنده لبينه، ولا بين أيضا إن كان يعتصرها بولدها، أو دون الولد؛ فإن اعتصرها