يقول: أشهدكم أن سكنى هذه الدار، وغلة هذا الكرم والأرض لفلان عشر سنين، فإذا انقضت العشر سنين فهي لفلان صدقة؛ وذلك أن أصحابنا اختلفوا فيها؛ وإن لم يكن الأمر في فور واحد، جازت الصدقة، إلا أنه أقوى عندي أن يكون في فور واحد؛ لاختلاف أصحابنا فيه.
قال محمد بن رشد: أما إذا سكن الدار، أو أخدم العبد، أو منح الأرض، وتصدق بالأصل في فور واحد، فلا اختلاف في أن قبض المسكن أو المخدم أو الممنوح قبض للمتصدق عليه بالأصل؛ لأن المسكن والمخدم والممنوح إنما يرتفقون بما أرفقوا من ذلك على ملك المتصدق عليه، لا على ملك المتصدق؛ إذ قد سقط حقه من جميع ذلك؛ وأما إذا تقدم الإسكان في الدار والاختدام في العبد، والمنحة في الأرض، وما أشبه ذلك للصدقة، فاختلف هل يكون قبض المسكن والمخدم والممنوح قبضا للمتصدق عليه أم لا؟ على قولين؛ أحدهما: أنه يكون قبضا، وهو قوله في المدونة. والثاني: أنه لا يكون قبضا له، فما في المدونة على قياس القول بأن المخدم يختدم العبد من يوم الصدقة على ملك المتصدق عليه لا على ملك المتصدق؛ وكذلك المسكن والممنوح.
والقول الثاني على أنه إنما يختدم ويسكن ويستغل على ملك المتصدق، فلو جنى على العبد جناية؛ لكان الإرث على ما في المدونة للمتصدق عليه، وعلى القول بأنه لا يكون حائزا له للمتصدق، وقد مضى هذا المعنى في رسم الكبش، من سماع يحيى، وبالله التوفيق.