حرا بعتق ما أعتق منه؛ وأما إذا بدأ بالعتاقة فقال: نصف عبدي حر، ونصفه صدقة على فلان، فالمنصوص عن ابن القاسم في ذلك في رسم الكبش، من سماع يحيى، من كتاب العتق، ومن رواية عيسى عنه أنه يكون حرا كله، وتبطل الصدقة؛ وهذا إنما يأتي على القول بالسراية، وأما على مذهبه في المدونة في أن من أعتق بعض عبده، لا يكون باقيه حرا بالسراية حتى يعتق عليه، فإن وهبه أو تصدق به قبل أن يعتق عليه، قوم عليه، ولم تبطل الصدقة فيه ولا الهبة.
وقوله في هذه الرواية: إنه يقوم كله فيعتق، ويكون على المعتق نصف قيمته، هو الذي يأتي على أصل مذهب مالك، وظاهر الحديث أن العبد يقوم كله، فيكون على المعتق لشريكه نصف قيمته، وذلك خلاف قول ابن القاسم في سماع يحيى، من كتاب العتق: أن النصف المتصدق به، هو الذي يقوم على المعتق، ومثله في كتاب الجنايات من المدونة، وهو قول غير ابن القاسم في كتاب أمهات الأولاد من المدونة، وليس المعتق كالواطئ؛ لأن الواطئ وطئ حق غيره، والمعتق لم يحدث على شريكه شيئا؛ فتحصيل الاختلاف في هذه المسألة أن فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الصدقة تبطل وينفذ العتق قدم الصدقة أو العتق. والثاني: أنها لا تبطل ويقوم على المعتق قدم الصدقة أو العتق. والثالث: أن الصدقة تبطل إن قدم العتق، ولا تبطل أن قدمها على العتق، وهذا كله على قياس القول بأن العتق والصدقة يجبان بنفس انقضاء اللفظ على ما في كتاب الظهار من المدونة من أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا، وأنت علي كظهر أمي؛ أن الظهار لا يلزمه؛ وأما على قياس القول بأن العتق والصدقة لا يجبان بنفس تمام اللفظ حتى يسكت بعده سكوتا يستقر به العتق أو الصدقة، وهو الصحيح من الأقوال على ما في كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة، في الذي يقول لامرأته قبل أن يدخل بها: أنت طالق،