خرج يوم الجمعة من دار مقامه، دعت عليه الملائكة ألا يصحب في سفره، ولا تقضى حوائجه» . وحدثني عبد الله بن رجاء المكي، عن صدقة بن زيد، عن سعيد بن المسيب، قال: السفر يوم الجمعة بعد الصلاة.
قال محمد بن رشد: ما روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - من دعاء الملائكة على من خرج من دار مقامه يوم الجمعة، ليس على ظاهره، إذ لا يجب ترك السفر يوم الجمعة، إلا في الوقت الذي أمر الله بالسعي فيه إليها - حيث يقول:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] ؛ لأنه أباح في الآية البيع إلى وقت وجوب السعي، والسفر من أسباب البيع، وقد روى ابن وهب وابن نافع، وابن أبي أويس (عن مالك) أنه قال: لا بأس بالسفر يوم الجمعة ما لم تحضر الجمعة ويفيء الفيء. قال في رواية ابن أبي أويس: وأحب إلي لمن طلع عليه الفجر يوم الجمعة في أهله، ألا يبرح حتى يصلي الجمعة، ومثله في رسم "المحرم" من سماع ابن القاسم، فيحتمل أن يكون معنى الحديث من خرج يوم الجمعة من دار مقامه بعد حضور الجمعة، أو قبل ذلك - رغبة عن شهودها، ومعنى قول سعيد بن المسيب السفر يوم الجمعة بعد الصلاة، أي هو الذي يستحب له ويؤمر به، ومعناه في السفر المباح غير المندوب إليه؛ روي عن ابن عباس قال: «بعث النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عبد الله بن رواحة في سرية، فوافق ذلك يوم الجمعة، فغدا أصحابه؟ فقال: أتخلف فأصلي مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم ألحقهم، فلما