ابن الجراح فضحك وقال له أنت أخي حقا لم تغيرك الدنيا؛ ولقيه على بعير خطامه حبل شعر أسود، قال مالك وتلقى عمر يومئذ ببرذون عار فركبه ثم نزل عنه وسبه، فقيل له: ما له؟ فقال حملتموني على شيطان حتى أنكرت نفسي! وقد روى عيسى عن ابن القاسم مثل هذا سواء في الرجل يقال له أتبيع جاريتك؟ فقال هي لامرأتي، أو لرجل أجنبي، ثم تدعي ذلك المرأة والرجل الأجنبي في حياته، أو بعد موته؛ لا شيء لهما، إلا أن يأتيا عليه بشهود بصدقة قد جرت، أو هبة؛ قال: وسواء قال هي لامرأتي، أو قال هي جارية امرأتي؛ وإنما هي كذبة كذبها، وكلام اعتذر به.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة حسنة جيدة صحيحة، وسيأتي مثلها بزيادة عليها في الذي تخطب إليه ابنته فيقول قد زوجتها فلانا في رسم العشور من سماع عيسى بعد هذا، وقد مضى مثلها في رسم البز من سماع ابن القاسم من كتاب الصدقات والهبات، والكلام عليها هناك مستوفى ولا فرق عند مالك بين أن يقول في اعتذاره هو لفلان أو قد تصدقت به على فلان على ما قاله في أول سماع أشهب منه، خلاف ما ذهب إليه أصبغ من الفرق بين ذلك على ما يأتي له في رسم العشور المذكور من هذا الكتاب، وأن معنى ذلك إنما هو إذا عرف الملك له؛ وأما إذا لم يعرف الأصل له، فإقراره به للمقر له وإن كان على هذا الوجه من الاعتذار عامل على ما يأتي في رسم الكبش من سماع يحيى من كتاب العتق، وهو دليل قوله في رسم العشور بعد هذا من هذا الكتاب، وبالله التوفيق.