فيه، أي أقل كيلا فيأخذ ذلك قمحا أو شعيرا أو سلتا، هو خلاف نص قوله في المدونة، أنه لا يجوز له أن يأخذ بعد حلول الأجل محمولة من سمراء أقل من مكيلته، ولا شعيرا من قمح؛ لأنه من بيع الطعام بالطعام متفاضلا؛ لأن المحمولة قد تكون في بعض الأحوال أفضل من السمراء، والشعير قد يكون أفضل من القمح، فيكون ذلك مبايعة لا حطيطة، فيدخله التفاضل فيما لا يجوز فيه التفاضل؛ وقال أشهب: إنه جائز، وهو مثل قول ابن القاسم في هذه الرواية؛ لأنه لا يراعي ما قد تؤول إليه الأسواق من ارتفاع قيمة الشعير حتى لعله يكون أغلى من القمح أو ارتفاع قيمة المحمولة حتى لعلها تكون أغنى من السمراء؛ ويرى أنه إذا أخذ من الشعير أقل من كيل ما كان له من القمح أو من المحمولة أقل من كيل ما كان له من السمراء؛ والقمح في ذلك الوقت أغلى من الشعير، والسمراء أغلى من المحمولة؛ فلم يبايعه وإنما وضع عنه بعض حقه وتجاوز عنه في صفة بقيته، وهو أظهر من قوله في المدونة لا سيما إذا أخذ شعيرا من قمح أقل من كيله؛ لأن جلّ الناس يرون القمح والشعير صنفين، فيجيزون التفاضل بينهما على ما قد جاء في الحديث من قوله فيه «وبيعوا القمح بالشعير كيف شئتم» . ولو أخذ محمولة من محمولة، أو سمراء من سمراء، أو شعيرا من شعير أقل من كيله وأدنى من صفته بعد حلول الأجل، لجاز ذلك باتفاق؛ إذ لا يكون الرديء من ذلك أفضل من جيده على حال؛ ولو أخذ قبل محل الأجل في القرض سمراء من محمولة، أو قمحا من شعير، مثل كيله، لجاز على قول ابن القاسم في هذه الرواية، وعلى قول أشهب؛ ولم يجز على قول ابن القاسم في المدونة، لما ذكره من أن الأسواق تختلف حتى يكون الشعير أنفق من القمح، أو المحمولة أنفق من السمراء، وبالله التوفيق.