تبين كذبه فيها؛ وكذلك إذا استحق منها النصف، يرد نصف ما صولح به؛ لأنه قد تبين كذبه في نصف دعواه، إلا أن يطول الزمان إلى مثل ما تهلك فيه البينات وينقطع العلم، فلا يرد المائة- قاله ابن القاسم في نوازل سحنون في هذا الكتاب في بعض الروايات؛ فيحمل قوله هناك على التفسير لقوله هنا، وهذا إذا كان الصلح على الإنكار؛ وأما إذا كان على الإقرار، فلا يرد شيئا على قياس قول ابن القاسم في رواية عيسى من كتاب الاستحقاق في الذي يشتري العبد من الرجل فيستحق من يده ويقر المبتاع أنه من تلاد البائع أنه لا رجوع له عليه بالثمن، وكذلك ما أشبهه؛ ولسحنون في نوازله من هذا الكتاب في بعض الروايات، إنه يرد ما أخذ في الصلح إذا استحق الشيء المدعى فيه سواء كان الصلح فيه على الإقرار أو على الإنكار، ومثله لأشهب في المجموعة، وذلك مثل قوله وقول ابن وهب في سماع عبد الملك من كتاب الكفالة والحوالة على ما ذهب إليه الشيوخ، خلاف ما حملنا عليه قولهما في الكتاب المذكور، ولسحنون في نوازله من كتاب جامع البيوع ما ظاهره مثل رواية عيسى، فالقولان متكافئان، لكليهما وجه من النظر، فوجه القول: بأنه لا رجوع له عليه بما صالحه به، إذا كان الصلح على الإقرار، هو أنه لا يصح له أن يرجع عليه بما يعلم أنه لا يجب عليه؛ ووجه القول الثاني: أن الصلح إذا كان على الإقرار، فهو بيع من البيوع؛ لأن المدعي باعه من المدعى عليه، وهو يقر أنه له؛ فمن حجته في الرجوع عليه أنه يقول له: أنت أدخلتني في شرائه فعليك أن تبطل شهادة من شهد علي بباطل حتى لا تؤخذ السلعة من يدي، ويتهم إذا لم يفعل ذلك بأنه قصر في الدفع إذ علم أن المشتري لا يتبعه، فأراد أن يكلفه من الدفع في البينة ما هو ألزم له منه، وبالله التوفيق.