أنفسهما، غرما ذلك للمشهود عليه إذا كان يوم شهدا منكرا لشهادتهما.
قال محمد بن رشد: قول أصبغ هذا مفسر لقول ابن القاسم، وفي قوله فإن رجع الشهيدان في شهادتهما بعد الحكم وزوروا أنفسهما، غرما ذلك للمشهود عليه إذا كان يوم شهدا منكرا لشهادتهما، دليل على أنه لا فرق فيما يلزم المقر بهذه الشهادة بين أن يكون مقرا بها، أو منكرا لها، وإنما يفترق ذلك فيما يلزم الشهيدين من الغرم برجوعهما عن الشهادة، خلاف ما ذهب إليه ابن دحون فيما رأيت له أنه قال: معنى هذه المسألة أن المقر هو الشاك، إنه أنكر إقراره فيلزمه بالبينة، غرم المائة يقتسمانها بينهما؛ ولو كان مقرا بما قال، للزمه غرم مائتين. وقوله لا يدريان أيهما هو، معناه أنهما لا يدريان ذلك من أجل أن المشهود عليه هو الذي قال لفلان علي مائة دينار أو لفلان من أجل أنه لم يدر لمن هي منهما، فحصل الشك من المشهود عليه لا من الشاهدين، ولو كان الشك من الشاهدين بأن يقولا أشهدنا فلان أن عليه مائة دينار لأحد هذين الرجلين وسماه لنا، إلا أنا لا ندري من هو منهما نسيناه، لما جازت شهادتهما على المشهور في المذهب، وحلف لكل واحد منهما- إن كان منكرا أو لمن أنكر منهما- إن كان مقرأ لأحدهما؛ وقد قيل أن شهادتهما جائزة يلزمه بها مائة واحدة تكون لمن حلف منهما إن نكل أحدهما، أو يقتسمانها بينهما إن حلفا أو نكلا، وهو الذي يأتي على ما وقع في أصل الأسدية من كتاب الأيمان بالطلاق من المدونة، ولابن وهب في رسم الأقضية والوصايا من سماع أصبغ من كتاب الصدقات والهبات، وقد قيل في هذا النحو من الشهادات أنها تجوز في الوصية بعد الموت، ولا تجوز على الحي؛ فيتحصل فيها ثلاثة أقوال في الجملة: إجازتها في الوجهين، وإبطالها في