ولا تخلو المسألة من ثلاثة أحوال، أحدها: أن يدعي كل واحد منهما صبيا منهما بعينه غير الذي ادعاه صاحبه. والثاني: أن يدعيا جميعا واحدا منهما بعينه، وينكر كل واحد منهما الآخر وينفيه عن نفسه. والثالث: ألا يدعي واحد منهما أحدهما، فيقول: لا أدري أيهما ولدي؟ فأما إذا ادعى كل واحد منهما واحدا منهما بعينه ونفي الآخر عن نفسه فالواجب أن يلحق بكل واحد منهما من ادعاه منهما، فينبغي أن يحمل قوله في الرواية فيدعي كل واحد منهما صبيا منهما: يقول هذا ولدي، ويقول الآخر: هذا ولدي؛ على أن معنى ذلك: فيقول كل واحد منهما لصبي منهما بعينه أنا آخذ هذا الصبي فأتبناه ويكون ابني، ولا أعلم إن كان ابني أم لا؟ لأن إرادة كل واحد منهما تبني كل واحد منهما من غير أن يعرف أنه ابنه ودعاؤه إلى ذلك لا معنى له، والوجه في ذلك أن تدعى له القافة كما لو لم يدع إلى ذلك ولا إرادة، وأما إذا ادعيا جميعا واحدا منهما بعينه، فقال: هذا هو ابني ونفى الآخر عن نفسه، فالواجب في ذلك عندي على أصولهم أن يدعى له القافة أيضا، إذ ليس لهما أن ينفيا الآخر جميعا عن أنفسهما وقد علم أنه ابن أحدهما، والذي ادعياه جميعا ليس أحدهما أولى به من صاحبه، كالأمة بين الرجلين يطآنها جميعا في طهر واحد، فتأتي بولد فيدعيانه جميعا؛ وقد وقع لسحنون في أول نوازله من كتاب الشهادات مسألة من هذا النوع لم يقل فيها: إنه تدعى له القافة، كما قال في هذه؛ فمن الشيوخ من كان يحمل ذلك على أنه