فتأول على هذا وهو تأويل سائغ، لأن الابنين جماعة، فيحتمل أن يصرف ضمير الجمع في قوله بينهم؛ إليهما دون الثالث، ويأتي على ما قال بعد هذا في الذي قال عند موته: إن فلانة جاريته ولدت منه، أن الأكبر والأوسط يعتقان جميعا أيضا من ناحية الشك، إذ لا يصح للورثة تملك واحد منهما وهو لا يعلم إن كان عبدا أو حرا، وهو أظهر - والله أعلم- من أن يقرع بينهما، لأن القرعة لا ترفع الشك، وهي في القياس غرر، فلا ينبغي أن تستعمل إلا حيث وردت في السنة، ومن أن يعتق من الأكبر ثلثه، ومن الأوسط ثلثاه، لأنا نحيط علما أن الميت لم يرد ذلك، إذ لا يحتمله لفظه، فهذا القول أضعف الأقوال، ويتخرج في المسألة قول رابع وهو أن يكونا جميعا عبدين، لاحتمال أن يكون الميت لم يرد واحدا منهما وإنما أراد الأصغر، فلا يعتق واحد منهما إلا بيقين على القول بأن الشك لا يؤثر في اليقين. وقوله: إنه لا يثبت نسبه صحيح لا اختلاف فيه، إذ لا يصح أن يحكم بثبوته لواحد منهم بشك، وأما قوله: إنه لا يرثه واحد منهم، ففيه نظر؛ والذي يوجبه النظر في ذلك عندي أن يكون حظهم من الميراث بينهم على القول بأنهم يعتقون جميعا على ما قاله بعد هذا في المسألة التي ذكرناها وهو الصحيح، إذ قد صح الميراث لأحدهم ولا يدري لمن هو منهم، فإن تداعوا فيه فادعاه كل واحد منهم، قسم بينهم بعد أيمانهم، إن حلفوا جميعا، وكذلك إن نكلوا جميعا، وإن حلف بعضهم ونكل بعضهم عن اليمين، كان الميراث للحالف منهم دون الناكل؛ وكذلك أن لو قالوا لا علم لنا، كان الميراث بينهم